تحفة الباري بشرح صحيح البخاري

باب: لا صدقة إلا عن ظهر غنى

          ░18▒ (بَابُ لَا صَدَقَةَ إِلَّا عَنْ ظَهْرِ غِنًى) أي لا صدقةَ كاملةً إلا عن غنى يستظهر به على(1) النَوائب الَّتي تنوبه، والتَّنكيرُ في (غنى) للتَّفخيم. (وَمَنْ تَصَدَّقَ) عطفٌ على (لَا(2) صَدَقَةَ). (أَوْ عَلَيْهِ(3) دَيْنٌ) أي مستغرقٌ، وحجر(4) عليه الحاكمُ بالفلس. (فَالدَّينُ أَحَقُّ) جواب الشرط، لكن للدَّين خاصَّة، وإلا فجوابه مع ما قبله أن يُقال: فهو وأهلُه والدَّين أحقُّ. (وَهُوَ) أي المتصدَّق به. (رَدٌّ عليه) أي مردود على المتصدِّق لأنَّ مؤونةَ المحتاج هو أو أهله وقضاء الدَّين واجبان، والصَّدقةُ تطوُّع. (لَيْسَ لَهُ أَنْ / يُتْلِفَ أَمْوَالَ النَّاسِ) أي بالصَّدقة كغيرها. (قَالَ) في نسخة: <وقال>.
          (مَنْ أَخَذَ أَمْوَالَ النَّاسِ..) إلى آخره، وعيدٌ، فيدخل فيه من أخذ دينًا(5) وتصدَّق به، ولا يجد ما يقضي به الدَّينَ. (إِلَّا أَنْ يَكُونَ) إلى آخره، استثناه البخاريُّ من التَّرجمة، أو ممن (يَتَصَدَّقُ) أي (إِلَّا أَنْ يَكُونَ مَعْرُوفًا بِالصَّبْرِ) فيتصدَّق مع عدمِ الغنى أو مع الحاجةِ، كما ذكره بقوله: (فيُوثِر) أي يقدِّم غيرَه على نفسه. (خَصَاصَةٌ) أي حاجة.
          (وَكَذَلِكَ آثَرَ الأَنْصَارُ المُهَاجِرِيْنَ) أي حين قدَمِوا عليهم المدينة وليس بأيديهم شيءٌ، حتَّى إنَّ من كان عنده امرأتان نزل عن واحدةٍ وزوَّجها من أحدهم.
           (وَنَهَى النَّبيُّ صلعم عَنِ إِضَاعَةِ المَالِ) استدلَّ(6) به البخاريُّ على ردِّ صدقةِ المِدْيَان، ولا يقال: إنَّ الصَّدقة ليست إضاعةَ مالٍ(7) لأنَّا نقول إذا عُورضت بحقِّ الدَّين لم يبق فيها ثواب، فبطل كونها صدقة وبقيت إضاعة. (وَقَالَ كَعْبٌ) زاد في نسخة: <ابن مالك>.
          (أَمْسِكْ عَلَيْكَ بَعْضَ مَالِكَ) منعه من التصدُّق بجميع ماله ولم يمنع أبا بكر منه لقوَّة يقين أبي(8) بكر وشدَّة صبره بخلاف كعب.
          (قُلْتُ: فَإِنِّي) في نسخة: <قلت: إنِّي>.


[1] في (ع): ((عن)).
[2] في (ط): ((ألا)).
[3] في (ط): ((وعليه)) بدل: ((أو عليه)).
[4] في (ص) و (د): ((أو حجر)).
[5] في (ط): ((دينارا)).
[6] في (ط): ((أسند)).
[7] قوله: ((مال)) ليس في (ع) و(ط) و(ص) و (د).
[8] في (ص) و (د): ((أبا)).