التلقيح لفهم قارئ الصحيح

حديث: لعلك تريدين أن ترجعي إلى رفاعة

          5260- قوله: (حَدَّثَنَا سَعِيدُ ابْنُ عُفَيْرٍ): تَقَدَّمَ مِرارًا أنَّه بِضَمِّ العين، وفتح الفاء، و(اللَّيْثُ): هو ابن سعد الإمام، و(عُقَيْلٌ): تَقَدَّمَ أنَّه بِضَمِّ العين، وفتح القاف، وأنَّه ابن خالد، و(ابْن شِهَابٍ): هو الزُّهريُّ.
          قوله: (أَنَّ امْرَأَةَ رِفَاعَةَ الْقُرَظِيِّ...) إلى أن قال: (فنَكَحْتُ(1) بَعْدَهُ عَبْدَ الرَّحْمَنِ بْنَ الزَّبِيرِ القُرَظِيَّ): قال الشَّيخ محيي الدين النَّوَويُّ في «تهذيبه»: (امرأة رفاعة التي تزوَّج بها عبد الرحمن بن الزَّبِير اختُلِف فيها؛ فقيل: سُهَيمة، وقيل: عائشة، وقيل: تميمة، حكى الأقوال الثلاثة ابنُ الأثير في مواضعَ مِن كتابه، وذكرها في «حرف التَّاء»: تميمة بنت وهب أبي عبيد القرظيَّة، مُطلَّقة رفاعة القُرظيِّ، وقال فيها القلعيُّ: تُمَيمة _بِضَمِّ التاء_ بنت وهب الفزاريُّ، وذكرها الخطيب في «الأسماء المبهمة»، فقال: هي تميمة، وقيل: سُهيمة بنت وهب بن عبيد، وذكر غيرهم أنَّه يقال فيها: تَميمة _بفتح التاء_ وتُميمة؛ بضمِّها) انتهى، وقال شيخنا / في غير هذا «الشَّرح» فيما قرأته عليه: (اختُلِف في اسمها؛ فقيل: سُهيمة، وقيل: عائشة، وقيل: تُـَميمة _بِضَمِّ التَّاء وفتحها_ وقيل: أُميمة، وقيل: نعيمة، وقيل: أُمَيَّة، وقيل: الرُّميصاء، وقيل: الغُميصاء) انتهى؛ واقتصر ابن شيخنا البلقينيِّ على أنَّها تميمة، فقال: (تَقَدَّمَ أنَّها تُـَميمة بنت وهب؛ تضمُّ تاؤها وتُفتَح)، انتهى.
          قوله: (أَنَّ امْرَأَةَ رِفَاعَةَ الْقُرَظِيِّ): هو رِفَاعَة بن سَـِمْوَال؛ بسين مهملة تُفتَح وتُكسَر، ثُمَّ ميم ساكنة، وقيل: رِفَاعة بن رِفَاعة القرظيُّ المدنيُّ، مِن بني قريظة، وهو خال أمُّ المؤمنين صفيَّة بنت حُييِّ بن أخطب؛ لأنَّ أمَّها برَّة بنت سَـِمْوَال، رِفَاعة: صَحَابيٌّ معروفٌ ☺.
          قوله: (عَبْد الرَّحْمَنِ بْن الزَّبِيرِ): هو بفتح الزَّاي، وكسر الموحَّدة بلا خلاف، وهو الزَّبِير بن باطا، وقيل: باطيا، و(عبد الرحمن): صَحَابيٌّ مشهور، و(الزَّبِير): والده هو الذي قتله الزُّبَير بن العَوَّام، يوم بني قريظة على يهوديَّته، والزَّبِير؛ بفتح الزَّاي: هو الجبل الذي كلَّم الله عليه موسى، قاله الجوهريُّ في «صحاحه»، هذا هو المشهور: أنَّ عبد الرحمن الذي تزوَّج امرأة رفاعة هو ابن الزَّبِير ابن باطا، وقيل: باطيا، وكذا ذكره ابن عَبْدِ البَرِّ وغيره، وقال ابن منده وأبو نعيم: (هو عبد الرحمن ابن الزَّبِير بن زيد بن أُمَيَّة بن زيد بن مالك بن عوف بن عمرو بن عوف بن مالك بن الأوس)، والصَّواب الأوَّل، والله أعلم.
          قوله: (مِثْلُ الْهُدْبَةِ): هي بِضَمِّ الهاء، وإسكان الدَّال المُهْمَلة، ثُمَّ مُوَحَّدَة مفتوحة، ثُمَّ تاء التَّأنيث، هذه اللُّغة الفصيحة، قال الجوهريُّ: (ويقال: بِضَمِّ الدال أيضًا في لغة)، ويقال: هُدْب؛ بِضَمِّ الهاء، وإسكان الدَّال، من غير هاءٍ في آخره، وهي طرف مِن سدا الثَّوب لم تُلحَم؛ أرادت: أنَّ متاعَه رخوٌ مثلُ طرف الثَّوب لا يُغنِي عنها شيئًا.
          قوله: (حَتَّى يَذُوقَ عُسَيْلَتَكِ...) إلى آخره: (العُسيلة): تصغير (عَسَل)، وكنَى به عن لذَّة الجماع، وكأنَّه أراد: لعقة عسل؛ فأنَّث، وإلَّا؛ فهو مُذكَّر، وقياسه: عُسَيل، وقيل: بل أنَّث على معنى النُّطفة، وقيل: إنَّ العسل يؤنَّث، واعلم أنَّ في «النَّسَائيِّ» عن عائشة مرفوعًا: (العُسَيلة: الجماع)، وكذا رأيت في «مسند أبي يعلى الموصليِّ» حديثًا عن عائشة ♦ أنَّ النَّبيَّ صلعم قال: «العُسَيلة: الجماع»، وذكره أيضًا بسند آخر عنها مرفوعًا.
          واعلم أنَّ الإنزال لا يُشترَط في التَّحليل؛ بل دخول الحشفة فقط، أو قدرها من مقطوعها، واشترطه الحسن بن أبي الحسن البصريُّ، وهو شاذٌّ، وأمَّا العقد وحده؛ فقال جميع العلماء من الصَّحابة والتابعين فمَن بعدهم: لا يكفي، وانفرد سعيد بن المُسَيِّـَب بأنَّه يكفي فقال: إذا عقد عليها الثاني ثُمَّ فارقها؛ حلَّت للأوَّل، ولا يُشترَط وطء الثاني؛ لقوله تعالى: {حَتَّىَ تَنكِحَ زَوْجًا غَيْرَهُ}[البقرة:230]، والنِّكاح حقيقة في العقد على الصَّحيح، وأجاب الجمهور بأنَّ هذا الحديث مخصِّصٌ لعموم الآية، ومُبيِّنٌ للمراد بها، واعتُذِر عن ابن المُسَيَّـِب بأنَّه لم يبلغه الحديث، قال القاضي عياض: (لم يقل أحد بقول ابن المُسَيِّـَب: إلَّا طائفة من الخوارج)، والله أعلم.


[1] كذا في (أ)، وفي «اليونينيَّة» و(ق): (وإني نكحت).