التلقيح لفهم قارئ الصحيح

باب قصة فاطمة بنت قيس

          قوله: (بَابُ قِصَّةِ فَاطِمَةَ بِنْتِ قَيْسٍ): هي فاطمة بنت قيس بن خالد الأكبر بن وهب بن ثعلبة الفهريَّة القرشيَّة، وهي أخت الضَّحَّاك بن قيس، قيل: كانت أكبر منه بعشر سنين، وكانت مِن المهاجرات الأُوَل، ذات عقل وافرٍ، وفي بيتها اجتمع أهل الشُّورى، بقيت إلى خلافة ابن الزُّبَير، وترجمتها معروفة، أخرج لها الجماعة وأحمد في «المسند».
          فإن قيل: من الزَّوج المُطلِّق لها؟ فالجواب: أنَّه أبو عمرو بن حفص، كذا في «مسلم» في حديثها، وقيل فيه: أبو حفص بن عمرو، وقيل: أبو حفص بن المغيرة، واختُلِف في اسمه؛ فالأكثرون على أنَّ اسمه عبد الحميد، وقال النَّسَائيُّ: اسمه أحمد، وقيل: اسمه كنيته، قيل: مات باليمن حين أرسله ◙ مع عليٍّ إليها، وقيل: إنَّه كلَّم عمرَ بالجابية، وأغلظ له حين عزل خالدًا، وصحَّح هذا الذَّهَبيُّ في «كاشفه»، وفي غيره حكاه بعد القول الأوَّل بصيغة: (وقيل)؛ فهو تناقُضٌ، وكونه طلَّقها هو الصَّحيح المشهور الذي رواه الحُفَّاظ، واتَّفق على روايته الثِّقات على اختلاف ألفاظهم في أنَّه طلَّقها ثلاثًا، وجاء في آخرِ «مسلم» في حديث الجسَّاسة ما يُوهِم أنَّه مات عنها، قال العلماء: وليست هذه الرواية على ظاهرها، بل وَهَمٌ أو مُؤَوَّلةٌ، وجاء في رواية: (أنَّه طلَّقها ثلاثًا)، وفي أخرى: (طلَّقها ألبتَّة)، وفي رواية: (ثلاث تطليقات)، وفي أخرى: (طلَّقها طلقة بقيت مِن طلاقها)، وفي أخرى: (طلَّقها)، ولم يذكر عددًا، والجمع بين الروايات أنَّه طلَّقها قبل هذا تطليقتين، ثُمَّ طلَّقها هذه المرَّة الثَّالثة، فمَن روى: (طلَّقها) وأطلق، أو (طلَّقها واحدة)، أو (طلَّقها آخِرَ ثلاثِ تطليقاتٍ)؛ فهو ظاهر، ومَن روى (ألبتَّة)؛ فمراده: طلَّقها طلاقًا صارت مبتوتة بالثَّلاث، ومَن روى: (ثلاثًا)؛ أراد: تمام الثلاث، والله أعلم.