التلقيح لفهم قارئ الصحيح

باب اللعان

          (بَابُ اللِّعَانِ)... إلى (بَاب: إِذَا طَلَّقَهَا ثَلَاثًا، ثُمَّ تَزَوَّجَتْ بَعْدَ الْعِدَّةِ زَوْجًا غَيْرَهُ، فَلَمْ يَمَسَّهَا)
          فائدةٌ: نزلت آية اللِّعان في شعبان في السنة التَّاسعة من الهجرة.
          ثانيةٌ: لم يكنِ اللِّعان بالمدينة بعد النَّبيِّ صلعم إلَّا في أيَّام عمر بن عبد العزيز.
          ثُمَّ اعلم أنَّ (اللِّعان): هو مصدر: (لاعَنَ يلاعِنُ لِعَانًا)، وإطلاق اللِّعان في جانب المرأة مِن مجاز التغليب، / وهو مشتقٌّ من اللَّعن؛ وهو الطَّرد والإبعاد؛ لبعدهما مِن الرحمة، أو لبعد كلٍّ منهما عن الآخر فلا يجتمعان أبدًا، وهل أُنزِلتِ الآية في عُويمر العجلانيِّ أو في هلال بن أُمَيَّة، قولان؛ أرجحهما: أنَّها أُنزِلت في هلال، وقد تَقَدَّمَ ذلك في (سورة النُّور) [خ¦4745]، وفي «مسلم»: (فكان أوَّل رجل لاعنَ في الإسلام)، وقوله ◙ لعُويمر: «إنَّ الله قد أنزل فيك وفي صاحبتك» [خ¦4745]؛ فمعناه: ما نزل في قصَّة هلال، قال النَّوَويُّ: (ويحتمل أنَّها نزلت في ذا وذاك، فإنَّ هلالًا أوَّلُ مُلاعِن)، انتهى.
          تنبيهٌ: قصَّة هلال في «مسند أبي يعلى الموصليِّ» مِن حديث عبد الله بن عَبَّاس، وفيها: جاء هلال بن أُمَيَّة وهو أحد الثلاثة الذين تيب عليهم، فجاء مِن أرضِهِ عِشَاءً، فوجدَ عند أهلِه رجلًا، فرأى بعينيه، وسمع بأُذنَيه، فلم يَهِجْهُ حتَّى أصبح، فغدا على رسول الله صلعم، فذكر قصَّته أنَّه رأى بعينه، وسمع بأذنيه، وقصَّة هلال في «الصَّحيح» [خ¦4747]، ولكن ليست بهذا السياق، والله أعلم، ولم يكن بالمدينة بعده ◙ لعانٌ إلَّا في أيَّام عمر بن عبد العزيز، كما قدَّمته.
          قوله: (فَإِذَا قَذَفَ الأَخْرَسُ امْرَأَتَهُ بِكِنَايةٍ(1)): هو بالنُّون قبل الألف، وبعد الألف مثنَّاة تحت، كذا في أصلنا، والذي أحفظه: (بكتابة)؛ بمثنَّاة فوق، وبعد الألف مُوَحَّدَة، وعليه يدلُّ ما بعده في موضعين، والله أعلم، ويدلُّ له أيضًا أنَّ شيخنا لمَّا ساق ما في الباب؛ قال: (فإذا قذف الأخرس امرأته بكتاب...)، وكذا حلَّه على ذلك، والله أعلم.
          قوله: (وَقَالَ الضَّحَّاكُ): هو الضَّحَّاك بن مزاحم البلخيُّ، المُفسِّر، أبو القاسم، كنَّاه ابن معين، وأمَّا الفَلَّاس؛ فكنَّاه: أبا مُحَمَّد، وكان يُؤدِّب، ترجمته معروفة، ويقال: إنَّه كان في مكتبه ثلاثة(2) آلاف صبيٍّ، وكان يطوف عليهم على حمار، وهو مُتكلَّم فيه، وقد وثِّق، تُوُفِّيَ سنة ░105هـ▒، أخرج له الأربعة.
          قوله: (وَقَالَ بَعْضُ النَّاسِ: لَا حَدَّ وَلَا لِعَانَ): اختلف العلماء في لعان الأخرس؛ فقال الشَّافِعيُّ، ومالك، وأبو ثور: يُلاعِن الأخرسُ؛ إذا عقل الإشارة، وفهم الكتابة، وعُلِم ما يقول وفُهِم، وكذلك الخرساء تلاعِن أيضًا بالكتاب، وقال الكوفيُّون: لا يصحُّ قذفه ولا لعانه، فإذا قذف الأخرس امرأته بإشارة؛ لم يُحَدَّ ولم يُلاعِن، وكذلك لو قذف بكتاب، ورُوِي مثله عن الشَّعبيِّ، وبه قال الأوزاعيُّ، وأحمد، وإسحاق، ومأخذهم معروف، والله أعلم.
          قوله: (وَقَالَ الشَّعْبِيُّ): هو عامر بن شَراحيل، تَقَدَّمَ مِرارًا.
          قوله: (وَقَالَ إِبْرَاهِيمُ): هو ابن يزيد النَّخعيُّ، العالم المشهور.
          قوله: (وَقَالَ حَمَّادٌ): [...](3).
          قوله: (الأَخْرَسُ وَالأَصَمُّ إِنْ قَالَ بِرَأْسِهِ؛ جَازَ): كذا في أصلنا: (إن قال)، والجادَّة: قالا، ومعنى ما في الأصل: إن قال كلُّ واحد منهما برأسه؛ جاز، والله أعلم.


[1] كذا في (أ) و(ق)، وفي «اليونينيَّة» وهامش (ق): (بكتابة)، ورواية أبي ذرٍّ عن الكشميهني: (بكتاب).
[2] في (أ): (ثلاث).
[3] كذا في (أ) بياض، قال الحافظ ابن حجر في «فتح الباري» ░9/350▒: (هو حماد بن أبي سليمان شيخ أبي حنيفة).