التلقيح لفهم قارئ الصحيح

باب قول الله تعالى: {ولا تنكحوا المشركات حتى يؤمن}

          [قوله]: (بَابُ قَوْلِهِ(1) تَعَالَى: {وَلاَ تَنكِحُواْ الْمُشْرِكَاتِ حَتَّى يُؤْمِنَّ}...)؛ الآية[البقرة:221]: هذا يعمُّ العبد والوطء بالملك، قيل: المراد: مشركات العرب، وقيل: عامٌّ نُسِخَ في الكتابيَّة، أو خُصَّت منه الكتابيَّة، وإنَّما سُمِّيَت مشركةً؛ لقولها: عُزَيْرٌ ابْنُ اللهِ، وقيل: عامٌّ محكمٌ لم يتناول الكتابيَّات، وسيأتي ما يشهد لهذا في الموقوف الذي أخرجه عن ابن عمر ☻ [خ¦5285]، وقد جاءت الآثار عن الصَّحابة والتابعين وأهلِ العلم بعدهم: أنَّ نكاح الكتابيَّات حلالٌ، وبه قال مالكٌ، والأوزاعيُّ، والثَّوريُّ، والكوفيُّون، والشَّافِعيُّ، وعامَّةُ العلماء، ولا يُروى خلافُ ذلك إلَّا عن ابن عمر، فإنَّه شذَّ عن جماعة الصَّحابة والتابعين، وخالفَ ظاهر قوله: {وَالْمُحْصَنَاتُ مِنَ الَّذِينَ أُوتُواْ الْكِتَابَ}[المائدة:5]، ولم يلتفت أحدٌ من العلماء إلى قوله، قال أبو عبيد: (والمسلمون اليوم على الرخصة في نساء أهل الكتاب)، قاله شيخُنا مُطَوَّلًا، أنا اختصرته، انتهى.
          نزلت الآية المذكورة في مرثد الغنويِّ، كان يهوى في الجاهليَّة امرأةً، فدعته بعدما أسلم، فاستأذن النَّبيَّ صلعم، فنزلت، وقيل: في ابن رَواحة، فأعتق أَمَةً له فتزوَّجها، والذي ظهر لي مِن عادة البُخاريِّ: أنَّه قائلٌ بمقالة ابن عمر، وإلَّا؛ فما كان به حاجةٌ أن يبوِّب عليه، ولو لم يكن قائلًا(2) بمقالته؛ لقال: باب جواز نكاح المشركات، أو: باب جواز نكاح نساء أهل الكتاب، ويذكر آية (المائدة)، ويكون في التبويب والآية ردٌّ على ابن عمر، والله أعلم.


[1] كذا في (أ) و(ق)، وفي «اليونينيَّة»: (قولِ الله).
[2] في (أ): (قائل)، ولعلَّ المُثْبَت هو الصَّواب.