التلقيح لفهم قارئ الصحيح

حديث: إن الملائكة تنزل في العنان فتذكر الأمر قضي في السماء

          3210- قوله: (حَدَّثَنَا مُحَمَّدٌ: حَدَّثَنَا ابْنُ أَبِي مَرْيَمَ): كذا في أصلنا، وفي أصلنا الدِّمَشْقيِّ، قال الجَيَّانيُّ: («حدَّثنا مُحَمَّد، عن ابن أبي مريم: أخبرنا الليث...» فذكر هذا المكان: هكذا رويناه عن أبي ذرٍّ عن أبي الهيثم، ولم أجد هذا لغير أبي ذرٍّ، لا عند ابن السكن، ولا الأصيليِّ، ولا عند أبي مسعود الدِّمَشْقيِّ، فإن كان محفوظًا؛ فهو مُحَمَّد بن يحيى الذُّهليُّ، فقد روى البُخاريُّ في «سورة الكهف» فقال: «حدَّثنا مُحَمَّد ابن عبد الله: حدَّثنا سعيد ابن أبي مريم» [خ¦4729]، ومُحَمَّد ابن عبد الله هو الذُّهليُّ فيما يُذكَر، وسيأتي هذا في موضعه)، انتهى.
          وفي طُرَّة أصلنا بخطِّ بعض الفضلاء _والظاهر أنَّه نقله من مكانٍ آخَرَ_ ما لفظه: (مُحَمَّد: هو البُخاريُّ، قاله أبو ذرٍّ الهرويُّ)، وفي هامشه حاشيةٌ أخرى بخطِّه ولفظها: (قوله: حدَّثنا مُحَمَّد، هكذا في أوَّل جزء، فنقل الناسخ كذلك، ولكن إذا قُرِئ؛ يُقرَأ: حدَّثنا ابن أبي مريم)، انتهت.
          وقد علمتَ ما قاله الجَيَّانيُّ، وقد ذكر هذا المِزِّيُّ في «أطرافه»، فقال: (البُخاريُّ في «بدء الخلق» عن سعيد بن أبي مريم عن الليث...)؛ فذكره، فتطريف المِزِّيِّ يؤيِّد ما في الحاشية، والله أعلم، وهو الظاهر، ولهذا سقط (مُحَمَّد) من أكثر النُّسخ، والله أعلم.
          قوله: (حَدَّثَنَا ابْنُ أَبِي جَعْفَرٍ): هو عُبيد الله _بالتصغير_ ابن أبي جعفر، أبو بكر المصريُّ الفقيهُ، أحدُ الأعلامِ، مولى بني كنانة، وقيل: مولى بني أُمَيَّة، مشهورُ الترجمة، أخرج له الجماعةُ، له ترجمةٌ في «الميزان».
          قوله: (فِي الْعَنَانِ): هو بفتح العين المُهْمَلَة وتخفيف النون؛ (وَهوَ السَّحَابُ)، كما في الحديث.
          قوله: (قُضِيَ فِي السَّمَاءِ): (قُضي): مَبْنيٌّ لِما لمْ يُسَمَّ فاعِلُهُ.
          قوله: (إِلَى الْكُهَّانِ): تَقَدَّمَ الكلام على (الكاهن) [خ¦2282]، وأنَّه الذي يتعاطى الخبر عن الكائنات في مستقبل الأزمان، ويدَّعي معرفة الأسرار، وقد كان في العرب كَهَنَةٌ؛ كشِقٍّ، وسطيح، وغيرِهما، فمنهم من كان يزعم أنَّ له تابعًا من الجنِّ ورَئِيًّا يُلقِي [إليه] الأخبار، ومنهم من كان يزعم أنَّه يعرف الأمور؛ بمقدِّمات أسبابٍ يستدلُّ بها على مواقعها من كلامٍ مَن يسأله، أو فِعلِهِ، أو حالِهِ، وهذا يخصُّونه باسم العرَّاف؛ الذي كان يدَّعي معرفة الشيء المسروق، ومكان الضَّالَّة، ونحوهما، والحديث الذي فيه: «من أتى كاهنًا...» قد يشتمل على إتيان الكُهَّان، والعرَّاف، والمنجِّم، وجمع الكاهن: كَهَنة، والله أعلم.