التلقيح لفهم قارئ الصحيح

باب: في الركاز الخمس

          قوله: (وَقَالَ مَالِكٌ وَابْنُ إِدْرِيسَ): أمَّا (مالك)، فهو الإمامُ، شيخُ الإسلام، مشهورٌ جدًّا.
          وأمَّا (ابن إدريس) هذا، فقد قيل: إنَّه الإمامُ أبو عبد الله مُحَمَّدُ بن إدريس بن العبَّاس بن عثمان بن شافع بن الَّسائب بن عبيد بن عبد يزيد بن هاشم بن المطَّلب بن عبد مناف بن قُصيٍّ، القرشيُّ المطَّلبيُّ الشَّافعيُّ؛ لقَرْنِه بمالكٍ، وكذا قال الحافظُ جمالُ الدين المِزِّيُّ شيخُ شيوخِنا، وقال شيخُنا الشَّارح: (الظَّاهر أنَّه الإمام الشَّافعيُّ)، قال: (وقال ابن التِّين عن أبي ذرٍّ: إنَّه يُقال: ابن إدريس الشافعيُّ، وقيل: عبد الله بن إدريس الأوديُّ الكوفيُّ، وهو أشبهُ)، انتهى، وجزم شيخُنا الشَّارحُ في أوَّل «شرح المنهاج» له بأنَّه الشَّافعيُّ هنا وفي (العَريَّة) [خ¦34/84-3418]؛ فاعلمه، وكذا جزم به الإسنويُّ في أوَّل «طبقات الفقهاء» له، ونقل بعضُ الحفَّاظ المصريِّين الجزمَ بأنَّه الشَّافعيُّ عن أبي زيد المروزيِّ في روايته(1) عنِ الفِرَبْرِيِّ، ثمَّ ذكر القولَ بأنَّه الأوديُّ، فقال: (ولا يصحُّ)، انتهى.
          قوله: (الرِّكَازُ دِفْنُ الْجَاهِلِيَّةِ): (دِفن): بكسر الدَّال، أي: مدفونهم، ولم أرَ لأحدٍ في تقييده كلامًا، ولكنَّ هذا صحيحٌ، ولو قُرِئ بفتح الدَّال؛ لكان له وجه.
          قوله: (فِي(2) الْمَعْدِنِ جُبَارٌ): (المعدِن)، بكسر الدَّال: الموضع الذي يُستخرَج منه جواهر الأرض، كالذَّهب، والفضَّة، والنُّحاس، وغير ذلك، والعَدْن: الإقامة، والمَعْدِن: مركز كلِّ شيء، وقوله: (جُبَار): أي هَدْرٌ، وهو الذي لا طَلَبَ فيه ولا قَوَدَ ولا دِية، وقال ابن قيِّم الجوزيَّة: (فيه قولان؛ أحدهما: أنَّه إذا استأجر من يحفر له معدِنًا فسقط عليه، فهو جُبار، ويُؤيِّد هذا القول اقترانُه بقوله: «البئر جُبَار، والعجماء جُبَار»، والثاني: كونه لا زكاة فيه، ويُؤيِّد هذا القول اقترانُه بقوله: «وفي الرِّكاز الخمس»، ففرَّق بين المعدن والرِّكاز، فأوجب الخمس في الرِّكاز؛ لأنَّه نوع مال مجموع يؤخذ بغير كُلْفَة ولا تَعَب، وأسقطها عن المعدن؛ لأنَّه يحتاج إلى كُلْفَة وتَعَب في استخراجه، والله أعلم)، انتهى.
          وفي مذهب الشَّافعيِّ: فيه ربع العشر، والقول الثَّاني: الخمس، قياسًا على الرِّكاز، والقول الثَّالث: إن حصل بتعب، فربع العشر، وإلَّا، فخمسه، ويُشترَط الحول لا النِّصاب على المذهب فيهما، والله أعلم.
          قوله: (وَقَالَ الْحَسَنُ): تقدَّم قريبًا وبعيدًا أنَّه الحسنُ بن أبي الحسن البصريُّ(3)، العالمُ المشهورُ.
          قوله: (مِنْ أَرْضِ السِّلْمِ): هو بكسر السِّين المهملة وفتحها، وتُؤنَّث وتُذكَّر: الصُّلح.
          قوله: (وَإِنْ وُجِدْتِ اللُّقَطَةُ): (وُجِدت): مبنيٌّ لما لم يُسَمَّ فاعله، و(اللُّقطةُ): نائب مناب الفاعل، فهو مرفوعٌ، وفي (اللُّقطة) لغاتٌ أربع نظمها الإمام ابن مالك، وهي: [من الرجز]
ولُقْطَةٌ لُقَاطَةٌ ولُقَطَةْ                     وَلَقَطٌ مَا لَاقِطٌ قَدْ لَقَطَهْ
          قوله: (وَقَالَ بَعْضُ النَّاسِ): قال شيخنا الشَّارح: (هو أبو حنيفة كما صرَّحوا به، ومنهم: ابن التِّين، وقال _يعني: ابن التِّين_: وذلك لأنَّ العلَّة التي ذكرها البخاريُّ هي كالعلَّة المرويَّة عن أبي حنيفة)، انتهى، وينبغي أن يجيء هذا في كلِّ مكان قال فيه البخاريُّ: (وقال بعض النَّاس)، ورأيت غير واحد من الحنفيَّة لا يتوقَّفون أنَّ مراد البخاريِّ ذلك، وقد ذكر البخاريُّ في (الإكراه): (باب إذا أُكره حتى وهب عبدًا أو باعه، لم يجز، وقال بعض النَّاس) [خ¦89/4-10314]، جزم شيخنا الشَّارح بأنَّه أبو حنيفة، وكذلك في أوائل (ترك الحيل) [خ¦6956]، وكذا في غيره من (الحيل) [خ¦6960]، والله أعلم.
          قوله: (مِثْلُ دِفْنِ): تقدَّم أعلاه(4) أنَّه بالكسر في الدَّال، وأنَّه لو قرئ بالفتح، لكان له وجهٌ.
          قوله: (أَرْكَزَ الْمَعْدِنُ): (أَركز): مبنيٌّ للفاعل، و(المعدنُ): مرفوع فاعله، وهذا ظاهر.
          قوله: (لِمَنْ وُهِبَ لَهُ شَيْءٌ): (وُهِب): مَبْنِيٌّ لما لم يُسَمَّ فاعله، و(شيءٌ): مرفوعٌ نائبٌ منابَ الفاعل.


[1] في (ب): (رواية).
[2] (في): ليس في (ب).
[3] (البصري): ليس في (ب).
[4] في (ب): (بظاهرها).