التلقيح لفهم قارئ الصحيح

باب ما يستخرج من البحر

          قوله: (باب مَا يُسْتَخْرَجُ مِنَ الْبَحْرِ): (يُستخرَج): مَبْنيٌّ لما لم يُسَمَّ فاعله.
          قوله: (لَيْسَ الْعَنْبَرُ بِرِكَازٍ، هُوَ شَيْءٌ دَسَرَهُ الْبَحْرُ): قيل: إنَّ العنبر شيء ينبت في البحر بمنزلة الحشيش في البرِّ، وقيل: إنَّه شجر يتكسَّر، فيصيبها الموج، فيلقيها إلى السَّاحل، وقيل: إنَّه جشاء دابَّة، وقيل: يخرج من عينٍ، وقال ابن البيطار: (ينبت في قعر البحر، فتأكله بعض دوابِّه، فإذا امتلأت منه، قذفته رجيعًا، وهو في خلقه كالعظام(1) من الخشب)، وقيل: إنَّه زبد البحر، وهذا ملخَّص من كلام شيخنا الشَّارح، انتهى، وأخبرني بعض التجار أنَّه شمعٌ، وأنَّه رأى أجنحة النَّحل فيه داخل جسمه.
          فائدة: أخرج البخاريُّ في هذا الباب حديث الخشبة، وموضع الاستشهاد له ليس أخذَ الدنانير، وإنَّما هو أخذُ الخشبة على أنَّها حطبة، فدلَّ على إباحة مثل هذا ممَّا يَلْفِظُهُ البحرُ؛ إمَّا ما ينشأ في البحر، أو ما سبق فيه ملكٌ وعَطَبَ وانقطع ملكُ صاحبه منه، على اختلاف العلماء في ملكِ هذا مطلقًا، وإذا جاز تملُّك الخشبة وقد تقدَّم عليها ملكٌ(2)؛ فتملُّك نحو العنبر الذي هو من مخلوقات البحر ولم يتقدَّم عليه ملكٌ أولى، نبَّه عليه ابن المُنَيِّر ☼ تعالى.
          وقوله: (دَسَرَهُ): هو بالدَّال والسِّين المهملتين، ثمَّ راء، أي: دفعه ورمى به.
          قوله: (وَقَالَ الْحَسَنُ): هو ابن أبي الحسن البصريُّ، العالمُ المشهورُ.
          قوله: (وَاللُّؤْلُؤِ): في (اللُّؤلؤ) لغاتٌ أربع وهي قراءات، إحداهنَّ بهمزتين، والثانية: (لُوْلُوْ)، بغير همز فيهما، والثالثة: بهمز الأوَّل دون الثَّاني، والرَّابعة: بالعكس، وهو شيء معروف.
          قوله: (فِي الرِّكَازِ): سيأتي الكلام عليه قريبًا إن شاء الله تعالى [خ¦24/66-2360].


[1] في (ج): (كالطعام).
[2] في (ب): (تلك)، وهو تحريف.