التلقيح لفهم قارئ الصحيح

باب العرض في الزكاة

          قوله: (بَابُ الْعَرْضِ فِي الزَّكَاةِ): (العَرْض) بفتح العين، وإسكان الرَّاء، وبالضَّاد المعجمة، وكذا قوله بعده: (بِعَرْض): وهو المتاع، وكلُّ شيء فهو عَرْضٌ، سوى الدراهم والدنانير، فإنَّها عين، قال أبو عبيد: العُروض: الأمتعة التي لا يدخلها كيل ولا وزن، ولا تكون حيوانًا ولا عقارًا، تقول: اشتريت المتاع بعَرْض، أي: بمتاعٍ مثله، وأمَّا (عَرَض) بفتح العين والراء: عَرَضُ الدُّنيا، فهو المال قلَّ أو كثر، يقال: الدُّنيا عَرَضٌ حاضرٌ يأكل منه البَرُّ والفاجر.
          قوله: (وَقَالَ طَاوُوسٌ): هو طاووس بن كيسان الإمام، أبو عبد الرَّحمن اليماني، من أبناء الفُرس، وقيل: اسمُه ذكوان، ولُقِّب طاووسًا، قال ابنُ مَعِين: (لأنَّه كان طاووسَ القُرَّاء)، ترجمتُه معروفةٌ، فلا نطوِّل بها.
          قوله: (وَقَالَ طَاوُوسٌ: قَالَ مُعَاذٌ): أمَّا روايةُ طاووسٍ عن معاذٍ، فمنقطعةٌ؛ لأنَّه لم يدركه، وإن شئت، قلت: روايتُه عنه مرسلةٌ، قال ابن المدينيِّ: (إنَّه لم يسمع منه)، انتهى. معاذٌ: تُوُفِّيَ بالأُرْدُنِّ في طاعون عَمَـْواس سنة ثماني عشرة أو سبعَ عشرةَ ☺، ولمَّا ذكر شيخُنا هذا الأثرَ عن معاذ، قال: (هذا مُرسَل، طاووس لم يدرك معاذًا، كما نصَّ عليه الدَّارقطنيُّ وغيرُه...) إلى آخر كلامه، ونقل العَلَائيُّ ذلك عن ابنِ المدينيِّ، ولا حجَّة فيه؛ لانقطاعه، وعلى تقدير صحَّته، فقد قيل: إنَّه كان في الجزية، لا في الصَّدقة.
          وموقوفه هذا أخرجه ابنُ أبي شيبة عنِ ابْنِ عُيَينة، عن إبراهيم بن ميسرة، عن طاووس: قال معاذٌ...، فذكره، قال: وحدَّثنا وكيع عن سفيان، عن إبراهيم، عن طاووس: أنَّ معاذًا كان يأخذ العروض في الصدقة.
          قوله: (خَمِيصٍ): قال الدِّمياطيُّ: (قال ابن بطَّال: وقع بالصَّاد: «خميص»، والصَّواب بالسين، كذا فسَّره أبو عبيد وأهل اللُّغة، قال صاحب «العين»: «الخَميس والمَخْموس: ثوب طوله خمسة أذرع»)، انتهى، وقال ابن قرقول: (بالصَّاد ذكره البخاريُّ، وبالسين(1) ذكره أبو عبيد وغيره: هو الثَّوب الذي طوله خمسة أذرع، كأنَّه يعني الصغيرَ من الثياب، ويقال له أيضًا: مَخْمُوس، وقال أبو عمرو: هي ثيابٌ أوَّلُ من عملها باليمن ملكٌ يقال له: الخِمْس، وقد يكون الخميص _بالصَّاد_ مُذَكَّرَ [الخميصة]، على إرادة الثَّوب إن صحَّت الرواية به)، انتهى، وبنحوه في «النِّهاية».
          تنبيه: الخِمْس المَلِك؛ بكسر الخاء، وإسكان الميم.
          قوله: (احْتَبَسَ):أي: وقف، قال ابن قرقول: (واللُّغة الفصحى: أَحْبَس، قال الخطَّابيُّ: ويقال: «حَبَس» مخفَّفًا، و«حبَّس» مشدَّدًا)، انتهى.
          قوله: (أَدْرَاعَهُ): الأدراع: جمع (درع)، وهي الزَّرديَّة.
          قوله: (وَأَعْتُدَهُ فِي سَبِيلِ اللهِ): (أعتد): هو بالتَّاء المثنَّاة فوقُ في أصلنا، قال ابن قرقول: («أعبدَه»، بالباء للكافَّة، وعند الحمُّوي والمستملي: «أعتده» جمع «عَتَـِدٍ»؛ وهو الفرس الصُّلب، وهو المعدُّ للرُّكوب، وقيل: السريع الوثب، ورجَّح هذا بعضهم، وقال: يعني(2): خيله، / وقد جاء في بعض الرِّوايات: «احتبس رقيقه ودوابَّه»، وفي «مسلم» من حديث أبي الزناد: «وأعتاده»، وهما بمعنًى، وقيل: كلُّ ما يُعَدُّ من مال وسلاح وغيره، وقد رُوِي: «وعتاده»)، انتهى، وفي «النهاية» بعد أن ذكر (أعتده)؛ بالتَّاء وفسَّره قال: (قال الدَّارقطنيُّ: قال أحمد ابن حنبل: قال عليُّ بن حفص: «وأعتاده»، وأخطأ فيه وصحَّف، وإنَّما هو: «وأعتده»، و«الأدراع»: جمع «درع»، وهي الزَّرديَّة، وجاء في رواية: «أعبده(3)» بالباء الموحَّدة، جمع قلَّةٍ للعبد)، قال: (وفي معنى الحديث قولان، أحدهما: أنَّه كان قد طُولِب بالزَّكاة على أثمان الدُّروع(4) والأعتد، على معنى أنَّها كانت عنده للتِّجارة، فأخبرهم النَّبيُّ صلعم: أنَّه لا زكاة عليه فيها، وأنَّه قد جعلها حُبْسًا في سبيل الله، والثَّاني: أن يكون اعتذر لخالد ودافع عنه، يقول: إذا كان خالد قد جعل أدراعه وأعتده في سبيل الله تبرُّعًا وتقرُّبًا(5) إلى الله وهو غير واجب عليه، فكيف يستجيز(6) منع الصدقة الواجبة عليه؟!)، والله أعلم.
          قوله: (وَلَوْ مِنْ حُلِيِّكُنَّ): ضبطه النَّوويُّ في «شرح مسلم» بفتح الحاء، وإسكان اللَّام على أنَّه مفرد، وأمَّا في أصلنا، فقد ضُبِط بوجهين؛ أحدهما: كما ضبطه النَّوويُّ، والثاني: بضمِّ الحاء، وكسر اللَّام [ثمَّ ياءٌ] مشدَّدة على أنَّه جمعٌ، ويُقال في الجمع أيضًا: بكسر الحاء [واللَّام] مع تشديد الياء المكسورة.
          قوله: (فَلَمْ يَسْتَثْنِ صَدَقَةَ الْفَرْضِ): كذا في أصلنا، وفي الهامش: (العَرْض)؛ بالعين، قال ابن قرقول: («الفرض من غيرها»: كذا للجمهور، وعند بعضهم: «العَرْض» يعني: بالعرض ما لم يكن عينًا، والعَرْض: هو العين، وبعده في الحديث: «فَلَمْ يَخُصَّ الذَّهَبَ وَالْفِضَّةَ مِنَ العُرُوضِ» بالعين لكافَّتهم(7)، وعند عبدوس: «من الفروض»؛ بالفاء)، انتهى.
          قوله: (وَسِخَابَهَا): هو بكسر السين المهملة، ثمَّ خاء معجمة، تقدَّم ما هو؛ وهو قلادة من طيب أو سُكٍّ [خ¦964].
          قوله: (مِنَ الْعُرُوضِ): هو جمع (عَرْض)، وتقدَّم الكلام عليه أعلاه.


[1] في (ج): (بالسين).
[2] (يعني): سقط من (ج).
[3] في (ج): (أعبد).
[4] في (ج): (الدرع).
[5] في (ج): (وثوابًا).
[6] في (ب): (يستحسن).
[7] في (ج): (كافتهم).