التلقيح لفهم قارئ الصحيح

باب العشر فيما يسقى من ماء السماء وبالماء الجاري

          قوله: (بَابُ الْعُشْرِ فِيمَا يُسْقَى مِنْ مَاءِ السَّمَاءِ): يُقال(1): عُشْر وعُشُر؛ بالسكون والضمِّ، وهذا هكذا مِنْ (ثُمنٍ) إلى (عُشرٍ).
          وقوله: (يُسْقَى): هو مبنيٌّ لما لم يُسَمَّ فاعله، وهذا ظاهر أيضًا.
          قوله: (وَلَمْ يَرَ عُمَرُ بْنُ عَبْدِ الْعَزِيزِ فِي الْعَسَلِ شَيْئًا): تنبيه: جاءت أحاديثُ بأخذ الزَّكاة من العسل، وقد اختُلِف فيها وفي حكمها(2)، قال البخاريُّ: (ليس في زكاة العسل شيء يصحُّ)، وقال التِّرمذيُّ: (لا يصحُّ عنِ النَّبيِّ صلعم في هذا الباب كثيرُ شيءٍ)، وقال ابن المنذر: (ليس في وجوب صدقة العسل(3) حديثٌ يثبتُ(4) عن رسول الله صلعم، ولا إجماع، فلا زكاة)، وقال الشَّافعيُّ: (الحديثُ في أنَّ في العسل العُشرَ ضعيفٌ، وفي ألَّا يؤخذ منه العُشر ضعيفٌ إلَّا عن عمر بن عبد العزيز)، قال هؤلاء: وأحاديثُ الوجوبِ كلُّها معلولةٌ، وحديثُ عَمْرو بن شعيب، عن أبيه، عن جدِّه مرفوعًا: «أنَّه أخذ من العسل العشرَ»، رواه ابنُ ماجه، قال بعضُ مشايخي: (بإسنادٍ جيِّدٍ، وحسَّنه ابنُ عبد البَرِّ في «استذكاره») [انتهى، وفي سنده نُعيم بن حمَّاد، وقد أخرج له البخاريُّ مقرونًا](5)، وفيه كلامٌ كثيرٌ جرحًا وتعديلًا، ومن جملته: أنَّه رماه الأزديُّ بالوضع، وفيه أسامة بن زيد اللَّيثيُّ، علَّق له البخاريُّ، وروى له مسلمٌ متابعةً، وقد جُرِحَ وعُدِّل، والله أعلم، وإلى هذا _أعني(6): عدم وجوب الزَّكاة فيه_ ذهب مالك والشافعيُّ، وذهب أحمد وأبو حنيفة وجماعة إلى أنَّ في العسل الزَّكاةَ، ثمَّ اختلف القائلون بالوجوب هل له نصاب أم لا؟ والمسألة طويلةٌ، ويكفي هذا منها.
          فائدة: يقال: عسَل وعسْل، بفتح السِّين وإسكانها، سمعته من بعض أصحابي، وهو يؤنَّث ويُذَكَّر، وذِكْرُ العسل في التَّرجمة تنبيهٌ على أنَّ الحديث الذي ذكره ينفي وجوب العُشر فيه؛ لأنَّه خَصَّ العُشر أو نصفه بما يُسقى، فأفهم ذلك أنَّ ما لا يُسقى لا يُعَشَّر، والله أعلم.


[1] في (ب): (فقال).
[2] في (ب): (حملها).
[3] زيد في (ج): (في).
[4] في (ب): (ثبت).
[5] ما بين معقوفين سقط من (ب) و(ج).
[6] (هذا أعني): ليس في (ب).