شرح الجامع الصحيح لابن بطال

باب التوثق ممن تخشى معرته

          ░7▒ بَابُ التَّوَثُّقِ مِمَّنْ تُخْشَى مَعَرَّتُهُ
          وَقَيَّدَ ابنُ عَبَّاسٍ عِكْرِمَةَ عَلَى تَعْلِيمِ القُرْآنِ والسُّنَنِ وَالفَرَائِضِ
          فيهِ أَبُو هُرَيْرَةَ: (بَعَثَ النَّبيُّ صلعم خَيْلًا قِبَلَ نَجْدٍ، فَجَاءَتْ بِرَجُلٍ مِنْ بَنِي حَنِيفَةَ، يُقَالُ لَهُ: ثُمَامَةُ بنُ أُثَالٍ سَيِّدُ أَهْلِ اليَمَامَةِ، فَرَبَطُوهُ بِسَارِيَةٍ مِنْ سَوَارِي المَسْجِدِ، فَخَرَجَ إِلَيْهِ رَسُولُ اللهِ صلعم(1)، فَقَالَ: مَا عِنْدَكَ يَا ثُمَامَةُ؟ قَالَ: عِنْدِي يَا مُحَمَّدُ خَيْرٌ... وذَكَرَ(2) الحَدِيثَ، فقَالَ(3): أَطْلِقُوا ثُمَامَةَ). [خ¦2422]
          قال أهلُ العلمِ: يوجبون التَّوَثُّقَ(4) بالحبسِ(5) والضَّامِنِ وما أشبَهَهُ ممَّن وجبَ عليه حقٌّ لغيرِهِ، فأبى أن يخرجَ منه وادَّعى مخرجًا لم يحضرْه في الوقتِ، وقد روى وَكِيْعٌ أن عليًّا كان يحبسُ في الدَّينِ، وروى مَعْمَرٌ عن أَيُّوبَ، عن ابنِ سِيرِينَ قال: كان شُرَيْحٌ إذا قضى على رجلٍ بحقٍّ أمرَ بحبسِهِ في المسجدِ إلى أن يقومَ، فإن أعطى(6) [حقَّه / وإلَّا أَمرَ به إلى السِّجنِ.
          وقالَ طاوسٌ: إذا لم يقرَّ الرَّجُلُ بالحكمِ حُبِسَ، وروى مَعْمَرٌ عن بَهْزِ بنِ حكيمٍ عن أبيه عن جَدِّهِ أنَّ رَسُولَ اللهِ صلعم حَبَسَ رَجُلًا في تُهْمَةٍ.
          وحديث ثُمَامَةَ أصلٌ في ذلك، لأنَّه كانَ قد حلَّ دمُهُ بالكفرِ، والسُّنَّة في مثله أن يُقْتَلَ، أو يُسْتَعْبَدَ، أو يُفَادَى(7)، أو يُمَنَّ عليه، فحبسَه النَّبيُّ صلعم حتَّى يرى فيه رأيَّه وأي الوجوهِ أصلحُ للمسلمينَ في أمرِه، وترجمَ له في كتابِ الصَّلَاةِ باب الأسيرِ والغريمِ يُرْبَطُ في المسجدِ [خ¦461]
](8).


[1] في المطبوع: ((الرَّسول))، وفي (ز): ((النَّبيُّ)).
[2] في (ز): ((فذكر)).
[3] في (ز): ((قال)).
[4] في (ص): ((التَّوثيق)).
[5] في (ز): ((بالسِّجن)).
[6] في (ز): ((أعطاه)).
[7] زاد في المطبوع: ((به)).
[8] ما بين معقوفتين مطموس في (ص).