عمدة القاري في شرح صحيح البخاري

باب: لا يطرق أهله إذا بلغ المدينة
  
              

          ░16▒ (ص) باب لَا يَطْرُقُ أَهْلَهُ إِذَا بَلَغَ الْمَدِينَةَ.
          (ش) أي: هذا بابٌ يذكر فيه أنَّ القادم مِن سفر لا يطرق أهله إذا بلغ المدينة؛ أي: البلد الذي يقصد دخولها، وفي رواية السرخسيِّ: <إذا دخل المدينة> يعني: إذا أراد دخولها لا يطرق ليلًا، والحكمة فيه مبيَّنةٌ في حديث جابر، ذكره البُخَاريُّ مطوَّلًا في (باب عِشرة النساء) وهي كراهة أن يهجم منها على ما يقبح عنده اطِّلاعه عليه، فيكون سببًا إلى بغضها وفراقها، فنبَّه النَّبِيُّ صلعم على ما يدوم به الألفة بينهم وتتأكَّد المحبَّة، فينبغي لمن أراد الأخذ بأدبٍ أن يجتنب مباشرة أهله في حال البذاذة وغير النظافة، وألَّا يتعرَّض لرؤية عورة يكرهها منها، ألَا ترَى أنَّ الله تعالى أمر مَن لم يبلغ الحلم بالاستئذان في الأحوال الثلاثة في الآية لمَّا كانت هذه الأوقات أوقات التجرُّد والخلوة؛ خشية الاطِّلاع على العورات وما يُكرَه النظر إليه.