الفيض الجاري بشرح صحيح الإمام البخاري

باب السهو في الفرض والتطوع

          ░7▒ (بَابُ السَّهْوِ فِي الْفَرْضِ وَالتَّطَوُّعِ): أي: هل هما سواءٌ أو يفترق حكمهما؟ وإلى الأول ذهبَ / الجمهورُ فقالوا: كما يسجدُ للسَّهو في الفرض يسجدُ في النفل، وذهب ابن سيرين وقتادةُ إلى الثاني، ونقلَ عن عطاءٍ فقالوا: لا سجودَ في التَّطوُّع أصلاً، والحجَّة للجمهور حديثُ الباب، فإنه عامٌّ في كل ما يسمَّى صلاة، فشمل الفرضَ والنفل.
          قال في ((الفتح)): اختلفَ في إطلاقِ الصَّلاةِ عليهما هل هو من الاشتراكِ اللَّفظيِّ أو المعنوي؟ ذهبَ إلى الثَّاني جمهورُ أهل الأصول بجامع ما بينهما من الشُّروطِ التي لا تنفكُّ، ومال الفخرُ الرَّازيُّ إلى أنَّهُ من الاشتراكِ اللَّفظيِّ لما بينهما من التَّباين في بعض الشروط، ولكن طريقة الشَّافعي ومن تبعهُ في استعمالِ المشترك في معانيه عند التَّجرُّدِ عن القرينة يقتضي دخول النَّافلةِ أيضاً في هذه العبارة.
          (وَسَجَدَ ابْنُ عَبَّاسٍ ☻ سَجْدَتَيْنِ بَعْدَ وِتْرِهِ): هذا التَّعليقُ وصلهُ ابنُ أبي شيبة بسندٍ صحيحٍ عن أبي العالية قال: رأيت ابن عبَّاسٍ يسجدُ بعد وترهِ سجدتين.
          قال في ((الفتح)): تعلُّقُ هذا الأثر بالترجمة من جهة ابن عبَّاس، كان يرى أن الوترَ غير واجبٍ، وسجدَ مع ذلك للسَّهوِ فيه، فدلَّ على أن حكمهُ كالفرض.