الفيض الجاري بشرح صحيح الإمام البخاري

باب من يكبر في سجدتي السهو

          ░5▒ (بَابٌ): بالتنوين (يُكَبِّرُ): أي: المصلِّي السَّاهي (فِي سَجْدَتَيِ السَّهْوِ): لغير الأربعة: <باب من يكبر في سجدَتي السَّهو> إطلاقه يشملُ من قال بأن سُجود السَّهو قبل السَّلام، ومن قال: بعد، لكن لا خلاف في ما قبل السَّلامِ أنه لا يكبر فيه للإحرامِ؛ لأنه داخلَ الصَّلاةِ، وأما بعد السَّلامِ فاختُلِفَ فيه، فالجمهورُ على الاكتفاء بتكبيرِ السُّجود، وهو ظاهرُ أكثرِ الأحاديث.
          وحكى القُرطبي: أن قولَ مالكٍ لم يختلفْ في وجوبِ السَّلام بعد سجدَتي السَّهو، قال: وما يتحلَّلُ منه بسلامٍ لا بدَّ له من تكبيرةِ إحرام.
          ويؤيِّدهُ ما رواهُ أبو داود من طريق حمَّادٍ عن ابنِ سيرين في حديثِ الباب: ((ثمَّ رفعَ وكبَّرَ وسجدَ للسَّهو))، كذا في العينيِّ.
          وذكرهُ في ((الفتح)) فقال: ((فكبَّرَ ثمَّ كبَّرَ وسجَدَ للسَّهو))، وقال أبو داود: لم يقل أحدٌ: ((فكبَّرَ ثم كبَّرَ)) إلا حمَّاد بن زيدٍ، فأشارَ إلى شذوذِ الزيادة.
          وقال القُرطبي أيضاً: قوله في رواية مالكٍ الماضية: ((فصلَّى ركعَتَينِ ثمَّ سَلَّم ثمَّ كبَّرَ ثمَّ سجد)) يدلُّ على أن التَّكبيرةَ للإحرامِ؛ لأنه أتى بثمَّ التي تقتضِي التراخِي، فلو كان التَّكبيرُ للسُّجودِ لكان معه، وتعقِّب بأن ذلك من تصرُّفِ الرُّواة، فقد تقدَّمَ من طريق ابن عونٍ عن ابن سيرين بلفظ: ((فصلَّى ما تَرَك ثمَّ سلَّمَ ثمَّ كبَّرَ وسجَدَ))، فأتى بواو المصاحبة التي تقتضِي المعيَّة، انتهى ما في ((الفتح)).