إرشاد الساري لشرح صحيح البخاري

حديث: قضى النبي في امرأتين رمت إحداهما الأخرى بحجر فطرحت

          5759- 5760- وبه قالَ: (حَدَّثَنَا قُتَيْبَةُ) بن سعيدٍ البلخيُّ (عَنْ مَالِكٍ) الإمام (عَنِ ابْنِ شِهَابٍ) الزُّهريِّ (عَنْ أَبِي سَلَمَةَ) بن عبد الرَّحمنِ (عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ ☺ : أَنَّ امْرَأَتَيْنِ رَمَتْ إِحْدَاهُمَا الأُخْرَى بِحَجَرٍ) وعند أحمد من طريقِ عَمرو بن تميم بن عُويم(1)، عن أبيه، عن جدِّهِ قال: «كانت أُختي مُلَيكة وامرأةٌ منَّا يقال لها: أمُّ عفيفٍ بنتُ مَسروح تحت حَمَل بن مالك بنِ النَّابغة، فضربَتْ أمُّ عفيفٍ مُلَيْكة» وسقطَ لابنِ عساكرَ وأبي ذرٍّ عن الكُشميهنيِّ «بحجَرٍ» (فَطَرَحَتْ جَنِينَهَا، فَقَضَى فِيهِ النَّبِيُّ صلعم بِغُرَّةٍ) بالتَّنوين (عَبْدٍ أو وَلِيدَةٍ) بالجَّر فيهما بدلًا(2) من «بغُرَّة» والمرادُ العبد والأمةُ ولو كانا أسودين، وإن كان الأصلُ في الغرَّة البياضُ في الوجهِ كما توسَّعوا في إطلاقهَا على الجسد كُلِّه، كما قالوا: أعتقَ رقبة، لكن قال أبو عَمرو بن العلاء القارئ: المراد الأبيضُ لا الأسود، قال: ولولا أنَّه صلعم أراد بالغُرَّة معنًى زائدًا على شخص العبد والأمةِ لما ذكرهُما(3). قال النَّوويُّ: وهو خلافُ ما اتَّفقَ عليه الفقهاءُ من إجزاء الغُرَّة السَّوداءِ والبيضاءِ. قال أهلُ اللُّغة: الغُرَّةُ عند العرب أنفس الشَّيء، وأُطلقت هنا على الإنسانِ لأنَّ الله تعالى خلقهُ في أحسن تقويمٍ، فهو من أَنْفَسِ المخلوقاتِ.
          (وَعَنِ ابْنِ شِهَابٍ) محمَّد بن مسلمٍ الزُّهريِّ، بالسَّند السَّابق (عَنْ سَعِيدِ بْنِ المُسَيَّبِ أَنَّ رَسُولَ اللهِ صلعم قَضَى فِي الجَنِينِ) حال كونهِ (يُقْتَلُ فِي بَطْنِ أُمِّهِ بِغُرَّةٍ عَبْدٍ أَوْ وَلِيدَةٍ، فَقَالَ الَّذِي قُضِيَ عَلَيْهِ) بضم القاف وكسر المعجمة، وفي السَّابقة [خ¦5758]: «فقال وليُّ المرأة الَّتي غَرِمت» (كَيْفَ / أَغْرَمُ مَا) ولأبي ذرٍّ عن الحَمُّويي والمُستملي: ”مَن“ (لَا أَكَلَ، وَلَا شَرِبَ، وَلَا نَطَقَ، وَلَا اسْتَهَلَّ) أي: ولا صرخَ (وَمِثْلُ ذَلِكَ بَطَلْ) بالموحدة، ولابنِ عساكرَ: ”يُطَل“ بتحتية(4) مضمومة، يُهدر و(5)لا يجبُ فيه شيءٌ، ويُطَل _بالتَّحتية_ مِن الأفعال الَّتي لا تُستعمل إلَّا مبنيَّة للمفعول كجُنَّ.
          قال المنذريُّ: وأكثرُ الرِّوايات: ”بَطَل“ أي: بالموحدة، وإن كان الخطَّابيُّ رجَّح الأخرى (فَقَالَ رَسُولُ اللهِ صلعم : إِنَّمَا هَذَا) يعني: وليَّ المرأة (مِنْ إِخْوَانِ الكُهَّانِ) شبَّهه(6) بالإخوان؛ لأنَّ الأخوَّة تقتضِي المشابهة، وذمَّهُ حيث أراد بسجعهِ دفع(7) ما أوجبهُ صلعم .
          وهذا الحديثُ مُرسل.


[1] في (د): «عويمر».
[2] في (د): «بدل».
[3] في (ب): «ذكرها».
[4] في (د): «ولابن عساكر بالتحتية».
[5] «يهدر، و»: ليست في (د).
[6] في (س): «شبه».
[7] في (ب) و(س): «رفع».