إرشاد الساري لشرح صحيح البخاري

حديث: إن أحق ما أخذتم عليه أجرًا كتاب الله

          5737- وبه قالَ: (حَدَّثَنِي) بالإفرادِ، ولأبي ذرٍّ: ”حَدَّثنا“ (سِيْدَانُ بْنُ مُضَارِبٍ) بكسر السين وفتح الدال المهملتين بينهما تحتية ساكنة وبعد الألف نون، و«مُضَاربٌ» بضم الميم وفتح الضاد المعجمة وبعد الألف راء فموحدة(1) (أَبُو مُحَمَّدٍ البَاهِلِيُّ) مولاهمُ البصريُّ، ويقال: الكوفيُّ، تكلَّموا فيه لكن قوَّاه أبو حاتم(2) وغيره قال: (حَدَّثَنَا أَبُو مَعْشَرٍ) بفتح الميم والشين المعجمة بينهما مهملة ساكنة آخره راء (يُوسُفُ بْنُ يَزِيدَ البَرَّاءُ) بفتح الموحدة والراء المثقلة، نسبةً إلى بري العُود، وكان عطَّارًا، ولغير أبي ذرٍّ: ”البصريُّ هو صدُوقٍ“ قال ذلك لكونهِ صدوقًا عندهُ، ولذا خَرَّجَ له، وكذا مسلمٌ، وهو تعديلٌ منهما له، ووثَّقه المُقَدَّميُّ(3)، وقال أبو حاتمٍ: يُكْتَبُ حديثُهُ، لكن ضعَّفهُ ابنُ معين قال: (حَدَّثَنِي) بالإفرادِ (عُبَيْدُ اللهِ) بضم العين (بْنُ الأَخْنَسِ) بخاء معجمة ساكنة فنون مفتوحة فسين مهملة (أَبُو مَالِكٍ) الخزَّاز _بمعجمات_ النَّخعيُّ، الكوفيُّ، أبو(4) مالكٍ. قال في «الفتح»: وثَّقهُ الأئمة، وشذَّ ابنُ حبَّان فقال في «الثِّقات»: يخطئُ كثيرًا (عَنِ ابْنِ أَبِي مُلَيْكَةَ) هو عبدُ الله بن عبيدِ الله بن أبي مُليكةَ(5)، واسمهُ زُهير (عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ) ╠ (أَنَّ نَفَرًا مِنْ أَصْحَابِ النَّبِيِّ) ولغير أبي ذرٍّ: ”رسول اللهِ“(6) ( صلعم مَرُّوا بِمَاءٍ) أي: بقومٍ نُزُوْلٍ على ماءٍ (فِيهِمْ لَدِيغٌ) بدال مهملة وغين معجمة، رجلٌ ضربتهُ العقربُ (_أَوْ سَلِيمٌ_) شكٌّ من الرَّاوي، وهو بمعنى الأوَّل سُمِّي به تفاؤلًا من السَّلامةِ لكون غالب من يُلدغ يُعطب، أو فعيل(7) بمعنى مَفعول؛ لأنَّه أسلمَ للعطبِ، واستعمالُ اللَّدغِ في ضرب العقرب مجازٌ؛ إذ الأصل أنَّه الَّذي يضرب بفيهِ، والَّذي يضربُ بمؤخَّره يقال له: لسَعَ، وبأسنانهِ نَهَسَ(8)، بالمهملة والمعجمة، وبأنفهِ نَكَزَ، بنون وكاف وزاي، وبنابه نَشِطَ، وقد يُستعمل بعضها مكان بعضٍ تجوُّزًا (فَعَرَضَ لَهُمْ) للصَّحابة (رَجُلٌ مِنْ أَهْلِ المَاءِ) لم(9) أعرف اسمهُ (فَقَالَ) لهم / : (هَلْ فِيكُمْ مِنْ رَاقٍ؟ إِنَّ فِي) القوم النَّازلينَ على (المَاءِ‼ رَجُلًا لَدِيغًا _أَوْ: سَلِيمًا_ فَانْطَلَقَ رَجُلٌ مِنْهُمْ فَقَرَأَ) على اللَّديغِ (بِفَاتِحَةِ الكِتَابِ عَلَى شَاءٍ) أجرًا له (فَبَرَأَ) الملدوغُ. وعند أبي داود والتِّرمذيِّ والنَّسائيِّ من طريق خارجة بن الصَّلت «أنَّ عمَّه مرَّ بقومٍ وعندهم رجلٌ مجنونٌ موثقٌ بالحديد، فقالوا: إنَّك جئتَ من عند هذا الرَّجلِ بخيرٍ، فارْق لنا هذا الرَّجل...» الحديث، فهذه قصَّةٌ غير السَّابقة؛ لأنَّ الَّذي في السَّابقة أنَّه لدغ، والرَّاقي في الأولى أبو سعيدٍ، كما وقع مصرَّحًا به في بعضِها، وفي الثَّانية عمُّ خارجة فافترقا. نعم، حديثُ ابن عبَّاس وحديثُ أبي سعيدٍ في قصَّةٍ واحدةٍ (فَجَاءَ) الَّذي رقى (بِالشَّاءِ إِلَى أَصْحَابِهِ فَكَرِهُوا) أخذ (ذَلِكَ) الأجر (وَقَالُوا: أَخَذْتَ عَلَى كِتَابِ اللهِ أَجْرًا حَتَّى قَدِمُوا المَدِينَةَ، فَقَالُوا: يَا رَسُولَ اللهِ، أَخَذَ) فلان (عَلَى كِتَابِ اللهِ أَجْرًا، فَقَالَ رَسُولُ اللهِ صلعم : إِنَّ أَحَقَّ مَا أَخَذْتُمْ عَلَيْهِ أَجْرًا كِتَابُ اللهِ) واستُدِلَّ به على جوازِ أخذ الأُجرةِ على تعليم القرآنِ.


[1] في (د) و(ل): «فنون».
[2] في كل الأصول: «أبو حازم» وهو تصحيف.
[3] في (م) و(د): «المقري المقدسي».
[4] في (م) و(د): «ابن».
[5] «هو عبد الله بن عبيد الله بن أبي مليكة»: ليست في (د).
[6] «ولغير أبي ذر رسول الله»: ليست في (ب).
[7] في (م): «وقيل».
[8] في (م): «لهس ونهس».
[9] في (ص) و(م) و(د): «ولم».