إرشاد الساري لشرح صحيح البخاري

حديث: وما أدراك أنها رقية خذوها واضربوا لي بسهم

          5736- وبه قالَ: (حَدَّثَنِي) بالإفراد (مُحَمَّدُ بْنُ بَشَّارٍ) بالموحدة والمعجمة المثقلة، بُنْدار قالَ: (حَدَّثَنَا غُنْدَرٌ) ولأبي ذرٍّ: ”محمَّد بن جعفرٍ“ قالَ: (حَدَّثَنَا شُعْبَةُ) بنُ الحجَّاج (عَنْ أَبِي بِشْرٍ) / بكسر الموحدة وسكون المعجمة، جعفرُ بن أبي وَحشيَّةَ، واسمُه إياس (عَنْ أَبِي المُتَوَكِّلِ) عليِّ بن داودَ(1) النَّاجيِّ _بالنون والجيم_ السَّاميِّ _بالمهملة_ نسبة لسام(2) بن لؤيٍّ (عَنْ أَبِي سَعِيدٍ) سعد بن مالكٍ (الخُدْرِيِّ ☺ : أَنَّ نَاسًا مِنْ أَصْحَابِ النَّبِيِّ صلعم ) كانوا في سريَّة وكانوا ثلاثين رجلًا (أَتَوْا عَلَى حَيٍّ مِنْ أَحْيَاءِ العَرَبِ) لم يعيَّن، فاستقْرُوهم (فَلَمْ يَقْرُوهُمْ) بفتح التحتية وسكون القاف من غير همز، فلم يُضيِّفوهُم (فَبَيْنَمَا) بالميم، ولأبي ذرٍّ: ”فبينَا“ (هُمْ كَذَلِكَ إِذْ لُدِغَ) بضم اللام وكسر الدال المهملة بعدها غين معجمة، لُسع (سَيِّدُ أُولَئِكَ) الحيِّ، أي: ضربتهُ العقربُ بذنبها، ولم يسمَّ السَّيِّد (فَقَالُوا) للصَّحابة: (هَلْ مَعَكُمْ مِنْ دَوَاءٍ) ولأبي ذرٍّ: ”معكُم دواءٌ“ (أَوْ رَاقٍ؟ فَقَالُوا) لهم: (إِنَّكُمْ لَمْ تَقْرُونَا) لم تضيِّفونا (وَلَا نَفْعَلُ) الرُّقية (حَتَّى تَجْعَلُوا لَنَا جُعْلًا) بضم الجيم وسكون العين المهملة، أجرًا على ذلك (فَجَعَلُوا لَهُمْ قَطِيعًا) طائفةً (مِنَ الشَّاءِ(3)) جمعُ شاةٍ، وكانت ثلاثين رأسًا (فَجَعَلَ) الرَّاقي، وهو أبو سعيدٍ الخدريُّ، أبهم نفسهُ في هذه الرِّواية (يَقْرَأُ بِأُمِّ القُرْآنِ) ولأبي ذرٍّ عن الحَمُّويي والمُستملي: ”بالقرآنِ“ (وَيَجْمَعُ بُزَاقَهُ) بالزَّاي، في فيه (وَيَتْفِلُ) بكسر الفاء، ولأبي ذرٍّ بضمها (فَبَرَأَ) سيِّد أولئك (فَأَتَوْا) أهل الحيِّ(4) (بِالشَّاءِ) الثَّلاثين (فَقَالُوا) أي: الصَّحابة للرَّاقي: (لَا نَأْخُذُهُ) أي: القطيع (حَتَّى نَسْأَلَ النَّبِيَّ) ولأبي ذرٍّ: ”رسول اللهِ“ ( صلعم ) عن حُكمه. قال في «المصابيح»: قد يقال: إنَّهم امتنعوا عن الرُّقية إلَّا بجُعْلٍ، فلا يخلو إمَّا أن يكونُوا عالمينَ بجواز ذلك أو لا، فإن كانُوا عالمينَ بالجوازِ فما وجه وقفهِم(5) أخذ الجُعْلِ على تعرُّف حُكمه بالسُّؤال‼، وإن كانوا غير عالمين فكيف أقدموا مع أنَّه لا يجوزُ الإقدامُ على فعل شيءٍ حتَّى يُعْلَمَ حكمُ الله فيه، وبعضهم ينقلُ(6) الإجماعَ عليه. فتأمَّلهُ. انتهى.
          (فَسَأَلُوهُ) بضمير النَّصب، ولأبي ذرٍّ عن الكُشمِيهنيِّ: ”فسألُوا“ بحذفه (فَضَحِكَ) صلعم (وَقَالَ) لأبي سعيدٍ الَّذي رقى: (وَمَا أَدْرَاكَ أَنَّهَا) أي: الفَاتحة (رُقْيَةٌ؟! خُذُوهَا) أي: الشَّاء، فاقتَسِمُوها(7) (وَاضْرِبُوا لِي) معكُم (بِسَهْمٍ).
          وهذا الحديثُ قد مرَّ في «باب ما يُعطى في الرُّقيةِ بفاتحة الكتابِ» في «الإجارةِ» [خ¦2276].


[1] في (ص): «ذكوان».
[2] في (ص) و(م) و(د): «لسامة».
[3] في (ص): «الشياه»، وفي (م): «الشياء».
[4] في (س) و(ل): «هذا الحيَّ».
[5] في (د) و(م): «دفعهم».
[6] في (د): «نقل».
[7] في (د): «واقتسموها»، وفي (ص): «اقتسموها».