إرشاد الساري لشرح صحيح البخاري

حديث: لا عدوى ولا صفر ولا هامة

          5717- وبه قالَ: (حَدَّثَنَا عَبْدُ العَزِيزِ بْنُ عَبْدِ اللهِ) الأويسيُّ قالَ: (حَدَّثَنَا إِبْرَاهِيمُ بْنُ سَعْدٍ) بسكون العين، القُرشيُّ (عَنْ صَالِحٍ) أي: ابن كَيسان (عَنِ ابْنِ شِهَابٍ) محمَّد بن مسلمٍ الزُّهريِّ، أنَّه قالَ: (أَخْبَرَنِي) بالإفراد (أَبُو سَلَمَةَ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ) بن عوفٍ (وَغَيْرُهُ: أَنَّ أَبَا هُرَيْرَةَ‼ ☺ قَالَ: إِنَّ رَسُولَ اللهِ صلعم قَالَ: لَا عَدْوَى) نفيٌ لما كانوا يعتقدونهُ من سرايةِ المرض من صاحبهِ إلى غيره (وَلَا صَفَرَ) نفيٌ لما يَعتقدونه(1) من أنَّه داءٌ بالباطنِ يُعدي، أو حيَّةٌ في البطن تُصيب الماشيةَ والنَّاسَ، وهي تُعْدِي أعدى من الجربِ، ورجَّح المؤلِّفُ هذا القولَ لاقترانهِ في الحديثِ بالعَدوى، أو المرادُ(2): الشَّهرُ المعروفُ كانُوا يتشاءمونَ بدخوله أو هو داءٌ في البطنِ من الجوعِ، أو من اجتماعِ الماءِ الَّذي يكون منه الاستسقاءُ (وَلَا هَامَةَ) بتخفيف الميم، طائرٌ، وقيل: هو البومةُ، قالوا(3): إذا سقطت على دارِ أحدهم وقعتْ فيها مصيبةٌ، وقيل: غيرُ ذلك ممَّا مرَّ [خ¦5707] (فَقَالَ أَعْرَابِيٌّ) لم يُسمَّ: (يَا رَسُولَ اللهِ، فَمَا بَالُ إِبِلِي تَكُونُ فِي الرَّمْلِ كَأَنَّهَا الظِّبَاءُ) في النَّشاطِ والقوَّةِ والسَّلامةِ من الدَّاء، و«الظِّباءُ» بكسر الظاء المعجمة، مهموز ممدود، و«في الرَّملِ» خبرُ كان، و«كأنَّها الظِّباءُ» حالٌ من الضَّميرِ المستترِ في الخبر، وهو تتميمٌ لمعنى النَّقاوةِ، وذلك لأنَّها(4) إذا كانت(5) في التَّراب ربَّما يلصقُ بها(6) شيءٌ منه (فَيَأْتِي البَعِيرُ الأَجْرَبُ فَيَدْخُلُ بَيْنَهَا فَيُجْرِبُهَا) بضم الياء وكسر الراء (فَقَالَ) صلعم رادًّا عليه ما يعتقدهُ من / العدوى: (فَمَنْ أَعْدَى الأَوَّلَ) وهذا جوابٌ في غايةِ البلاغةِ والرَّشاقةِ، أي: من أين جاء الجربُ للَّذي(7) أعدَى بزعمِهم، فإن أجابُوا من بعيرٍ آخرَ لزم التَّسلسلُ، أو بسببٍ(8) آخر فليُفصِحوا بهِ، فإن أجابوا بأنَّ الَّذي فعله في الأوَّل هو الَّذي فعلهُ في الثَّاني ثبتَ المدَّعى، وهو أنَّ الَّذي فعل جميع ذلك هو القادرُ الخالقُ لا إله غيره ولا مؤثِّر سواهُ.
          (رَوَاهُ) أي: الحديثَ المذكورَ (الزُّهْرِيُّ) مُحمَّد بن مسلمٍ (عَنْ أَبِي سَلَمَةَ وَسِنَانِ بْنِ أَبِي سِنَانٍ) يزيد بن أُميَّة كلاهما، عن أبي هُريرة، وتأتي(9) روايةُ كلٍّ منهما إن شاء الله تعالى في «باب لا عدوى» [خ¦5775] بعون الله وقوَّته.


[1] في (م): «يقصدونه».
[2] في (د): «والمراد».
[3] «قالوا»: ليست في (ص).
[4] في (د): «أنه».
[5] في (د): «كان».
[6] في (د): «به».
[7] في (د): «الذي».
[8] في (ص): «لسبب».
[9] في (ب) و(س): «سيأتي».