إرشاد الساري لشرح صحيح البخاري

حديث: رأيت رسول الله يحتز من كتف شاة فأكل منها

          5422- وبه قال: (حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ مُقَاتِلٍ) المروزيُّ، المجاورُ بمكَّة قال: (أَخْبَرَنَا عَبْدُ اللهِ) بن المبارك المروزيُّ قال: (أَخْبَرَنَا مَعْمَرٌ) بفتح الميمين بينهما عين مهملة ساكنة، ابنُ راشد (عَنِ الزُّهْرِيِّ) محمَّد بن مسلم ابنِ شهاب (عَنْ جَعْفَرِ بْنِ عَمْرِو بْنِ أُمَيَّةَ) بفتح العين (الضَّمْرِيِّ) بفتح الضاد المعجمة وسكون الميم بعدها راء (عَنْ أَبِيهِ) عَمرو بن أميَّة أنَّه (قَالَ: رَأَيْتُ رَسُولَ اللهِ صلعم يَحْتَزُّ) يقطعُ (مِنْ كَتِفِ شَاةٍ فَأَكَلَ) بفاءٍ مفتوحة بلفظ الماضي. ولأبي ذرٍّ عن الكُشميهنيِّ: ”يأكل“ بالتَّحتية بدل الفاء، بلفظ المضارع (مِنْهَا) أي: من الشَّاة (فَدُعِيَ إِلَى الصَّلَاةِ، فَقَامَ فَطَرَحَ السِّكِّينَ فَصَلَّى وَلَمْ يَتَوَضَّأْ) من أكل ما مسَّته النَّار.
          فإن قلتَ: جاء في مسلم(1) من حديثِ أبي هريرة الأمر بالوضوءِ ممَّا مسَّت(2) النَّار.
          أُجيب بأنَّه جاء على أصله اللُّغوي من النَّظافة، فالمراد منه هنا: غسل اليدين لإزالة الزُّهومة توفيقًا بينه وبين حديث الباب وغيره.
          وأمَّا حملُه على المعنى الشَّرعيِّ وادِّعاء نسخهِ فيحتاجُ لمعرفة التَّاريخ. نعم، صرَّح ابن الصَّلاح بالنَّسخ حيث قال: ممَّا يعرفُ به النَّسخ قول الصَّحابيِّ: كان آخر الأمرين من رسولِ الله صلعم تركَ الوضوء ممَّا مسَّته النَّار.
          ومباحثُ ذلك سبقتْ في «كتاب الوضوء»، ولم يقعْ في حديثي الباب ما ترجمَ له من الجَنْبِ، وأجاب في «الفتح» بأنَّه أشار إلى حديث أمِّ سلمة المروي في التِّرمذيِّ وصحَّحه: أنَّها قرَّبت لرسول الله صلعم جنبًا مشويًّا فأكل منه، ثمَّ قام إلى الصَّلاة.
          واعترضهُ العينيُّ فقال: من‼ أين يعلم أنَّه أشار به إلى حديث أمِّ سلمة مع(3) أنَّ الإشارة لا تكون إلَّا لحاضر، وأجاب بأنَّه ذكر الجَنْبَ استطرادًا أو إلحاقًا له بالكتفِ.


[1] «في مسلم»: ليست في (م).
[2] في (م) و(د): «مسته».
[3] في (د): «هذا مع».