إرشاد الساري لشرح صحيح البخاري

حديث: ما شبع آل محمد من طعام ثلاثة أيام حتى قبض

          5374- 5375- وبه قال: (حَدَّثَنَا يُوسُفُ بْنُ عِيسَى) المروزيُّ قال: (حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ فُضَيْلٍ) بالضاد المعجمة مصغَّرًا (عَنْ أَبِيهِ) فضيل بن غزوان بن جرير الكوفيِّ (عَنْ أَبِي حَازِمٍ) بالحاء المهملة والزاي، سلمان الأشجعيِّ (عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ) ☺ أنَّه(1) (قَالَ: مَا شَبِعَ آلُ مُحَمَّدٍ صلعم مِنْ طَعَامٍ) وفي حديث عائشة الآتي إن شاء الله تعالى: «من خبزِ البرِّ» [خ¦5423] (ثَلَاثَةَ أَيَّامٍ) مُتَوالية(2) بلياليها (حَتَّى قُبِضَ).
          وعند مسلمٍ والتِّرمذيِّ عن عائشة: «ما شبع من خبزِ شعيرٍ يومين مُتَتابعين»، أي: لقلَّة الشَّيء عندهم، أو كانوا يؤثرونَ به المحتاج على أنفسهم، أو لأنَّ الشِّبع مَذْموم، وقد روى حذيفة مرفوعًا: «من قلَّ طُعْمُه صحَّ بطنُه وصفا قلبُهُ، ومن كثرَ طُعْمه سَقُم بطنُه وقسا قلبُه».
          وحديثُ الباب من أفراد المؤلِّف.
          (وَعَنْ أَبِي حَازِمٍ) سلمان الأشجعيِّ، بالسَّند السَّابق (عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ) ☺ أنَّه قال: (أَصَابَنِي جَهْدٌ شَدِيدٌ) من الجوعِ، والجهد _كما في «القاموس»_: الطَّاقة ويُضم و(3)المشقَّة (فَلَقِيتُ عُمَرَ ابْنَ الخَطَّابِ) ☺ (فَاسْتَقْرَأْتُهُ)(4) سألتُه أن يقرأَ عليَّ (آيَةً) معيَّنةً على طريقِ الاستفادةِ (مِنْ كِتَابِ اللهِ) ╡ (فَدَخَلَ دَارَهُ وَفَتَحَهَا) أي: قرأَ الآية (عَلَيَّ) وفهمني إيَّاها.
          وفي «الحلية»: لأبي نُعيم من وجهٍ آخر عن أبي هريرة أنَّ الآيةَ المذكورة في سورة آل عمران، وفيه: «فقلتُ له: أقرئني وأنا لا أريدُ القراءة، وإنَّما أريدُ الإطعام».
          قال في «الفتح»: وكأنَّه سهَّل الهمزة فلم يفطنْ عمرُ لمرادهِ، كذا قال، لكن قوله: آية يعين التَّنزيل لا سيَّما مع رواية أنَّ الآية من سورةِ آل عمران (فَمَشَيْتُ غَيْرَ بَعِيدٍ فَخَرَرْتُ) سقطتُ (لِوَجْهِي(5) مِنَ الجَهْدِ وَالجُوعِ) وكان _كما في «الحلية»_ يومئذٍ صائمًا ولم يجد ما يفطرُ عليه (فَإِذَا رَسُولُ اللهِ صلعم قَائِمٌ عَلَى رَأْسِي، فَقَالَ: يَا أَبَا هُرَيْرَةَ) ولأبي ذرٍّ: ”يا أبا هرٍّ“ (فَقُلْتُ: لَبَّيْكَ رَسُولَ اللهِ وَسَعْدَيْكَ) مُنادى مضاف محذوفُ الأداة (فَأَخَذَ بِيَدِي فَأَقَامَنِي وَعَرَفَ الَّذِي بِي) من شدَّة الجوعِ (فَانْطَلَقَ بِي إِلَى رَحْلِهِ) بفتح الراء‼ وسكون الحاء المهملة، مسكنِهِ (فَأَمَرَ لِي بِعُسٍّ) بضم العين وتشديد السين المهملتين، قدحٍ ضخمٍ (مِنْ لَبَنٍ فَشَرِبْتُ مِنْهُ، ثُمَّ قَالَ) صلعم : (عُدْ) فاشربْ (يَا أَبَا هِرٍّ، فَعُدْتُ فَشَرِبْتُ، ثُمَّ قَالَ: عُدْ) فاشربْ يا أبا هريرة(6) (فَعُدْتُ فَشَرِبْتُ حَتَّى اسْتَوَى بَطْنِي) أي: استقامَ لامتلائه من اللَّبن (فَصَارَ كَالقِدْحِ) بكسر القاف وسكون الدال بعدها حاء مهملتين، السَّهم الَّذي لا ريشَ له في الاستواءِ والاعتدالِ.
          (قَالَ) أبو هريرة: (فَلَقِيتُ عُمَرَ) بن الخطَّاب (وَذَكَرْتُ لَهُ الَّذِي كَانَ مِنْ أَمْرِي) بعد مُفَارقتي له (وَقُلْتُ لَهُ: تَوَلَّى اللهُ) وللأَصيليِّ وأبي ذرٍّ عن الكُشميهنيِّ: ”فولي الله“ بالفاء بدل الفوقية (ذَلِكَ) من / إشباعِي ودَفْعِ الجوع عنِّي (مَنْ كَانَ أَحَقَّ بِهِ مِنْكَ يَا عُمَرُ) وهو رسولُ الله صلعم ، والجملة في موضع نصب مفعول «تولَّى الله» (وَاللهِ لَقَدِ اسْتَقْرَأْتُكَ الآيَةَ وَلأَنَا) مبتدأ مؤكَّد باللام، وخبره قوله: (أَقْرَأُ لَهَا مِنْكَ. قَالَ عُمَرُ: وَاللهِ لأَنْ أَكُونَ أَدْخَلْتُكَ) داري، وأضفتُك (أَحَبُّ إِلَيَّ مِنْ أَنْ يَكُونَ لِي مِثْلُ حُمْرِ النَّعَمِ) عبر بذلك لأنَّ الإبلَ كانت أشرف أموالهم.


[1] «أنه»: ليست في (د).
[2] في (د): «متواليات».
[3] «و»: ليست في (د) و(م).
[4] في (د) زيادة: «كذا في اليونينية بهمزة قطع بدل الياء الساكنة».
[5] في (د) و(م): «بوجهي».
[6] «فعدتُ فشربتُ ثمَّ قال: عدْ فاشرب يا أبا هريرة»: ليست في (م).