إرشاد الساري لشرح صحيح البخاري

حديث: إن القرآن أنزل على سبعة أحرف فاقرءوا ما تيسر منه

          5041- وبه قال: (حَدَّثَنَا أَبُو اليَمَانِ) الحكمُ بنُ نافعٍ قال: (أَخْبَرَنَا شُعَيْبٌ) هو: ابنُ أبي حمزة (عَنِ الزُّهْرِيِّ) محمَّدِ بنِ مسلمٍ، أنَّه (قَالَ: أَخْبَرَنِي) ولأبوي الوقتِ وذرٍّ وابنِ عساكرٍ ”حَدَّثني“ بالإفراد فيهما (عُرْوَةُ بْنُ الزُّبَيْرِ) ثبت: ”ابنُ الزُّبير“ في روايةِ أبي ذرٍّ (عَنْ حَدِيثِ المِسْوَرِ بْنِ مَخْرَمَةَ وَعَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ عَبْدٍ القَارِيِّ) بتشديد(1) التَّحتية من غير همزٍ (أَنَّهُمَا سَمِعَا عُمَرَ بْنَ الخَطَّابِ يَقُولُ: سَمِعْتُ هِشَامَ بْنَ حَكِيمِ بْنِ حِزَامٍ) بالحاء المهملة والزاي (يَقْرَأُ سُورَةَ الفُرْقَانِ فِي حَيَاةِ رَسُولِ اللهِ صلعم ، فَاسْتَمَعْتُ لِقِرَاءَتِهِ فَإِذَا هُوَ يَقْرَؤُهَا عَلَى حُرُوفٍ كَثِيرَةٍ لَمْ يُقْرِئْنِيهَا رَسُولُ اللهِ صلعم ، فَكِدْتُ أُسَاوِرُهُ فِي الصَّلاة) بضم الهمزة وفتح السِّين المهملة، آخذُ برأسهِ أُوَاثِبهُ، ولأبي ذرٍّ عن الكُشمِيهنيِّ: ”أثاورهُ“ بالمثلثة بدل السين. قال عياضٌ: والمعروف الأوَّل.
          (فَانْتَظَرْتُهُ حَتَّى سَلَّمَ) من صلاتهِ (فَلَبَّبْتُهُ) بفتح اللام وبموحدتين الأولى مشددة وتخفف، والأخرى(2) ساكنة؛ أي: جمعتُ عليهِ ثيابه عند لبَّته لئلا يتفلَّت مني (فَقُلْتُ: مَنْ أَقْرَأَكَ هَذِهِ السُّورَةَ الَّتِي سَمِعْتُكَ تَقْرَأُ) ها؟ (قَالَ: أَقْرَأَنِيهَا رَسُولُ اللهِ صلعم ، فَقُلْتُ لَهُ: كَذَبْتَ) أي: أخطأت (فَوَاللهِ إِنَّ رَسُولَ اللهِ صلعم لَهُوَ أَقْرَأَنِي هَذِهِ السُّورَةَ الَّتِي سَمِعْتُكَ) أي: تقرؤها (فَانْطَلَقْتُ بِهِ إِلَى رَسُولِ اللهِ صلعم أَقُودُهُ) أي: أجرُّه حتَّى أتيتُ النَّبيَّ صلعم (فَقُلْتُ: يَا رَسُولَ اللهِ، إِنِّي سَمِعْتُ هَذَا يَقْرَأُ سُورَةَ الفُرْقَانِ عَلَى حُرُوفٍ لَمْ تُقْرِئْنِيهَا، وَإِنَّكَ أَقْرَأْتَنِي سُورَةَ الفُرْقَانِ، فَقَالَ) ╕ : (يَا هِشَامُ، اقْرَأْهَا) قال عمرُ: (فَقَرَأَهَا القِرَاءَةَ الَّتِي سَمِعْتُهُ) يقرؤها (فَقَالَ رَسُولُ اللهِ صلعم : هَكَذَا أُنْزِلَتْ، ثُمَّ قَالَ) ◙ : (اقْرَأْ يَا عُمَرُ) قال عمر: (فَقَرَأْتُهَا) أي: السُّورة بالقراءةِ (الَّتِي أَقْرَأَنِيهَا، فَقَالَ رَسُولُ اللهِ صلعم : هَكَذَا أُنْزِلَتْ، ثُمَّ قَالَ‼ رَسُولُ اللهِ صلعم ) تطييبًا لقلبِ عمر؛ لئلا ينكرَ تصويبَ القراءتينِ المختلفتينِ: (إِنَّ القُرْآنَ أُنْزِلَ عَلَى سَبْعَةِ أَحْرُفٍ) أوجهٍ (فَاقْرَؤُوْا مَا تَيَسَّرَ مِنْهُ) أي: من المنزَّل، وفيه إشارةٌ إلى الحكمةِ في التَّعدد المذكُور، وأنَّه للتَّيسير.
          وهذا الحديثُ قد سبقَ في «بابِ أُنزلَ القرآنُ على سبعةِ أحرفٍ» [خ¦4992] ومطابقتُه هنا لما ترجمَ له واضحةٌ.


[1] في (م): «بتشديد الياء».
[2] في (م): «الثانية».