إرشاد الساري لشرح صحيح البخاري

حديث: إن أفضلكم من تعلم القرآن وعلمه

          5028- وبه قال: (حَدَّثَنَا أَبُو نُعَيْمٍ) الفضلُ بنُ دكينٍ قال: (حَدَّثَنَا سُفْيَانُ) بنُ عيينة(1) (عَنْ عَلْقَمَةَ بْنِ مَرْثَدٍ) بالمثلَّثة، بوزن جعفر (عَنْ أَبِي عَبْدِ الرَّحْمَنِ السُّلَمِيِّ عَنْ عُثْمَانَ بْنِ عَفَّانَ ☺ ) أنَّه (قَالَ: قَالَ النَّبِيُّ صلعم : إِنَّ أَفْضَلَكُمْ مَنْ تَعَلَّمَ القُرْآنَ وَعَلَّمَهُ) بالواو، وللأربعة: ”أو علَّمه“ والأول أظهر في المعنى؛ لأنَّ الَّتي بـ «أو»‼ تقتضي إثبات الأفضليَّة المذكورة لمن فعلَ أحد الأمرينِ، فيلزمُ أنَّ من تعلَّم القرآنَ ولو لم يعلِّمه غيره أن يكون خيرًا ممَّن عملَ بما فيه(2)، وإن لم يتعلَّمه، ولا ريبَ أنَّ الجامع بينَ تعلُّم القرآنِ وتعليمهِ مكمِّلٌ لنفسهِ ولغيرهِ، جامعٌ بين النَّفع القاصِر والنَّفع المتعدي، ولا يقال: إنَّ مِن لازم هذا أفضليَّة المقرئِ على الفقيهِ؛ لأنَّ المخاطبين بذلك كانوا فقهاءَ النُّفوس؛ إذ كانوا يدرون مَعاني القرآن بالسَّليقة(3) أكثر من درايةِ من بعدهم بالاكتسابِ.
          فإن قلتَ: المقرئُ أفضل ممَّن هو أعظمُ غناء في الإسلامِ بالمجاهدةِ والرِّباط والأمرِ بالمعروفِ والنَّهيِّ عن المنكرِ؟ أُجيب بأنَّ ذلك دائرٌ على النَّفع المتعدِّي، فمن كان حصولهُ عندهُ أكثر كان أفضل، فلعلَّ «من» مضمرة في الحديثِ بعد «إن»، وفي الحديث الحثُّ على تعليمِ القرآنِ، وقد سُئل الثَّوريُّ عن الجهادِ وإقراءِ القرآن فرجَّح الثَّاني، واحتجَّ بهذا الحديث، أخرجَه ابنُ أبي داود، قاله في «الفتح».


[1] في (س) و(ص): «الثَّوري».
[2] زيد في (س) و(ص): «مثلًا».
[3] في (ج) و(ص) و(ل): «بالصَّليقة».