إرشاد الساري لشرح صحيح البخاري

حديث: لا حسد إلا على اثنتين

          5025- وبه قال: (حَدَّثَنَا أَبُو اليَمَانِ) الحكمُ بنُ نافعٍ قال: (أَخْبَرَنَا شُعَيْبٌ) هو: ابنُ أبي حمزة (عَنِ الزُّهْرِيِّ) محمَّد بنِ مسلمِ ابن شهابٍ، أنَّه (قَالَ: حَدَّثَنِي) بالإفراد (سَالِمُ بْنُ عَبْدِ اللهِ أَنَّ) أباه (عَبْدَ اللهِ بْنَ عُمَرَ) بن الخطَّاب ( ☻ قَالَ: سَمِعْتُ رَسُولَ اللهِ صلعم يَقُولُ: لَا حَسَدَ) أي: لا غبطةَ جائزة(1) في شيءٍ (إِلَّا عَلَى) وجودِ (اثْنَتَيْنِ) أي: خصلتين؛ إحداهما: (رَجُلٌ) أي: خصلةُ رجلٍ (آتَاهُ اللهُ الكِتَابَ) أي: القرآنَ (وَقَامَ بِهِ) تلاوةً وعملًا (آنَاءَ اللَّيْلِ) أي: في(2) ساعاتهِ، وزاد أبو نُعيم في «مستخرجه»: ”وآناءَ النَّهار“ (وَ) ثانيهما: (رَجُلٌ) أي: خصلةٌ (أَعْطَاهُ اللهُ مَالًا فَهْوَ يَتَصَدَّقُ بِهِ) على المحتاجِ (آنَاءَ اللَّيْلِ وآنَاءَ النَّهَارِ) أي: ساعاتهما، بإثبات(3): ”آناءَ النَّهار“ هنا، وحذفها في الأوَّل، كما مرَّ. وقيل: إنَّ فيه تخصيصًا لإباحةِ نوعٍ من الحسدِ، وإن كانت جملتهُ محظورة، وإنَّما رخَّص فيه لما يتضمَّن(4) مصلحةً في الدِّين. قال أبو تمَّام:
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .                      وما حاسِدٌ في المَكْرُماتِ بحاسِدِ
وكما رخَّص في الكذبِ لتضمُّن فائدةٍ هي فوقَ آفةِ الكذبِ.
          وقال في «شرح المشكاة»: أثبتَ الحسدَ لإرادةِ المبالغة في تحصيلِ النِّعمتين الخطيرتين، يعني: ولو حصلتا(5) بهذا الطَّريق المذمومِ فينبغي أن يتحرَّى ويجتهد في تحصيلهما، فكيف بالطَّريق المحمودِ، لا سيَّما وكل واحدةٍ من الخصلتينِ بلغت غايةً لا أمدَ فوقها، ولو اجتمعتَا في امرئٍ بلغَ من العلياءِ كلَّ مكان(6).


[1] في (ص): «جائز».
[2] «في»: ليست في (ص).
[3] في (ص) و(م): «وبإثبات».
[4] في (م): «ليتضمن».
[5] في (م): «جعلنا».
[6] قوله: «إن فيه تخصيصًا... العلياء كل مكان»: ليست في (د).