إرشاد الساري لشرح صحيح البخاري

حديث: أن رسول الله كان إذا اشتكى يقرأ على نفسه

          5016- وبه قال: (حَدَّثَنَا عَبْدُ اللهِ بْنُ يُوسُفَ) التِّنِّيسيُّ قال: (أَخْبَرَنَا مَالِكٌ) الإمامُ الأعظمُ (عَنِ ابْنِ شِهَابٍ) الزُّهريِّ (عَنْ عُرْوَةَ) بنِ الزُّبير (عَنْ عَائِشَةَ ♦ : أَنَّ رَسُولَ اللهِ صلعم كَانَ إِذَا اشْتَكَى) أي: مرض (يَقْرَأُ عَلَى نَفْسِهِ بِالمُعَوِّذَاتِ) الثَّلاث: الإخلاصُ والفلقُ والنَّاس، وفي حديثِ ابني حبَّان وخزيمةَ وأحمدَ تعيينهنَّ، وأطلقَ على الأولى لما اشتملَتْ عليه من صفةِ الرَّب تعالى، وخصَّ المستعاذَ منه في الثَّانية بما خلق، فابتدأ بالعامِّ في قوله: {مِن شَرِّ مَا خَلَقَ}[الفلق:2] ثمَّ ثنَّى بالعطفِ في قوله: {وَمِن شَرِّ غَاسِقٍ}[الفلق:3] لأن انبثاثَ(1) الشَّرِّ فيه أكثر، والتحرُّز منه أصعبُ، ووصفُ المستعاذَ به في الثَّالثة بالرَّبِّ، ثمَّ بالملكِ، ثمَّ بالإلهِ، وأضافهَا إلى النَّاس وكرَّره، وخصَّ المستعاذَ منه بالوسواسِ المعني بهِ الموسوس من الجنَّة والنَّاس، فكأنَّه قيل _كما قال الزَّمخشري_: أعوذُ من شرِّ الموسوس(2) إلى النَّاس بربِّهم الَّذي يملكُ عليهم أمورهم، وهو إلههم ومعبودهم، كما يستغيثُ بعضُ الموالي إذا اعتراهم خطبٌ بسيِّدهم، ومخدومهم، ووالي أمرهم (وَيَنْفُثُ) بضم الفاء بعدها مثلثة؛ أي: يخرجُ الرِّيح من فمهِ في يدهِ مع شيءٍ من ريقهِ، ويمسحُ جسدهُ الشَّريف المقدَّس (فَلَمَّا اشْتَدَّ وَجَعُهُ) في مرضهِ الَّذي توفِّي فيهِ (كُنْتُ أَقْرَأُ عَلَيْهِ) المعوِّذات (وَأَمْسَحُ بِيَدِهِ) على جسدهِ (رَجَاءَ بَرَكَتِهَا) وكذا كان ╕ يقرأ بهنَّ على نفسهِ(3).


[1] في (د): «إثبات».
[2] في (د) و(م): «الوسواس».
[3] قوله: «وكذا كان ╕ يقرأ بهنَّ على نفسه»: ليس في (د).