إرشاد الساري لشرح صحيح البخاري

حديث: أما الطيب الذي بك فاغسله ثلاث مرات

          4985- وبه قال: (حَدَّثَنَا أَبُو نُعَيْمٍ) الفضلُ بنُ دُكين قال: (حَدَّثَنَا هَمَّامٌ) بفتح الهاء والميم المشدَّدة، ابنُ يحيى بنِ دينارٍ العَوْذِيُّ _بفتح العين المهملة وسكون الواو وكسر الذال المعجمة_ قال: (حَدَّثَنَا عَطَاءٌ) أي: ابنُ أبي رباحٍ (وَقَالَ) وفي نسخة: «ح. وقال» (مُسَدَّدٌ) هو: ابنُ مُسَرهد قال: (حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ سَعِيدٍ) القطَّان، سقطَ لغير أبي ذرٍّ «ابنُ سعيدٍ» (عَنِ ابْنِ جُرَيْجٍ) عبدِ الملكِ بنِ عبدِ العزيزِ، أنَّه (قَالَ: أَخْبَرَنِي) بالإفراد (عَطَاءٌ) هو: ابنُ أبي رباحٍ المذكور (قَالَ: أَخْبَرَنِي) بالإفراد أيضًا (صَفْوَانُ بْنُ يَعْلَى بْنِ أُمَيَّةَ أَنَّ) أباهُ / (يَعْلَى كَانَ يَقُولُ: لَيْتَنِي أَرَى رَسُولَ اللهِ صلعم حِينَ يُنْزَلُ) بضم أوله وفتح ثالثه (عَلَيْهِ الوَحْيُ) رفع مفعول ناب‼ عن فاعله(1)، ولأبي ذرٍّ بفتح أوله وكسر ثالثه (فَلَمَّا كَانَ النَّبِيُّ صلعم بِالجِعْرَانَةِ) بكسر الجيم وسكون العين المهملة، وقد تكسر وتشدد الراء، موضعٌ قريبٌ من مكَّة، أحدُ مواقيت الإحرام (وَعَلَيْهِ ثَوْبٌ قَدْ أَظَلَّ عَلَيْهِ) بفتح الهمزة والظاء المعجمة (وَمَعَهُ نَاسٌ) ولأبي ذرٍّ عن الحَمُّويي: ”ومعه النَّاس“ (مِنْ أَصْحَابِهِ؛ إِذْ جَاءَهُ رَجُلٌ). قال في «المقدمة»: حكى ابنُ فَتْحون في «الذَّيل»: أنَّ اسمه عطاءُ بن منبِّه، وعزاهُ لـ «تفسير» الطَّرسوسي، وفيه نظرٌ، وقال: إن صحَّ فهو أخو يعلى بن منبِّه، وفي «الشفاء»(2) للقاضي عياض ما يُشعر أنَّ اسمه(3): عَمرو بن سَواد، والصَّواب: أنَّه يعلى بن أميَّة راوي الحديث، كما أخرجه الطَّحاوي من حديث شعبة، عن قتادةَ، عن عطاء: أنَّ رجلًا يقال له: يَعلى بن أميَّة، أحرمَ وعليه جبَّة (مُتَضَمِّخٌ) بالضادِ والخاء المعجمتين: مُتَلطِّخ (بِطِيبٍ، فَقَالَ: يَا رَسُولَ الله، كَيْفَ تَرَى فِي رَجُلٍ أَحْرَمَ) أي: بعمرةٍ، كما في «الحج» [خ¦1536] (فِي جُبَّةٍ بَعْدَ مَا تَضَمَّخَ) تلطَّخ (بِطِيبٍ؟ فَنَظَرَ النَّبِيُّ صلعم سَاعَةً، فَجَاءَهُ الوَحْيُ، فَأَشَارَ عُمَرُ إِلَى يَعْلَى أَنْ) ولأبي ذرٍّ عن الحَمُّويي والمُستملي(4): ”أي“ (تَعَالَ، فَجَاءَ يَعْلَى فَأَدْخَلَ رَأْسَهُ) ليرى النَّبيَّ صلعم حالَ نزولِ الوحيِ (فَإِذَا هُوَ) ╕ (مُحْمَرُّ الوَجْهِ يَغِطُّ) بكسر الغين المعجمة وتشديد الطاء المهملة، يتردَّدُ صوتُ نفسِهِ من شدَّة ثقلِ الوحيِ (كَذَلِكَ سَاعَةً، ثُمَّ سُرِّيَ) بضم السين المهملة وتشديد الراء المكسورة؛ أي: كشفَ (عَنْهُ) ما كان يجدُه من شدَّة ثقلِ الوحي (فَقَالَ: أَيْنَ الَّذِي يَسْأَلُنِي عَنِ العُمْرَةِ آنِفًا؟ فَالتُمِسَ الرَّجُلُ) بضم التاء، مبنيًّا للمفعول (فَجِيءَ بِهِ إِلَى النَّبِيِّ صلعم ، فَقَالَ) له: (أَمَّا الطِّيبُ الَّذِي بِكَ فَاغْسِلْهُ ثَلَاثَ مَرَّاتٍ) هل قوله: «ثلاث مرَّات» من جملةِ مقولهِ ╕ ، فيكون نصًّا في تكرار الغسل ثلاثًا، أو العامل فيه «قال»؛ أي: قال له ╕ ثلاث مرَّات: اغسلْهُ، فلا يكون نصًّا على التَّثليث. وسبق مزيدٌ لذلك في «الحج» [خ¦1536].
          (وَأَمَّا الجُبَّةُ فَانْزِعْهَا) عنك (ثُمَّ اصْنَعْ فِي عُمْرَتِكَ، كَمَا تَصْنَعُ فِي حَجِّكَ) من الطَّواف والسَّعي، والحلقِ، والاحترازِ عن محظوراتِ الإحرامِ.
          وهذا الحديثُ صورته صورةُ المرسل؛ لأنَّ صفوان بن يعلى ما حضرَ ذلك، وقد ساقهُ في «كتاب العمرة» من «الحج» [خ¦1789] بالإسناد المذكور هنا عن أبي نُعيم، فقال فيه: عن صفوان بن يعلى، عن أبيه، فوضحَ أنَّه ساقه هنا على لفظِ روايةِ ابن جُريج(5).
          قيل: وجهُ دُخول هذا الحديثِ هنا التَّنبيه على أنَّ الوحي بالقرآنِ والسُّنة على صفةٍ واحدةٍ ولسانٍ واحدٍ‼.


[1] في (ب) و(س): «الفاعل».
[2] في (د): «قلت قال في الشفاء».
[3] في (د): «أنه».
[4] قوله: «والمستملي»: ليست في (ص) و(س).
[5] في (د): «ابن جرير».