إرشاد الساري لشرح صحيح البخاري

حديث: أطلقوا ثمامة

          2422- وبه قال: (حَدَّثَنَا قُتَيْبَةُ) بن سعيدٍ قال: (حَدَّثَنَا اللَّيْثُ) بن سعدٍ الإمام (عَنْ سَعِيدِ بْنِ أَبِي سَعِيدٍ) المقبريِّ (أَنَّهُ سَمِعَ أَبَا هُرَيْرَةَ ☺ يَقُولُ: بَعَثَ رَسُولُ اللهِ صلعم خَيْلًا) أي: ركبانًا (قِبَلَ نَجْدٍ) بكسر القاف وفتح المُوحَّدة، أي: جهة نجدٍ ومقابلها، وكان أميرهم محمَّد بن مسلمة أرسله ╕ في ثلاثين راكبًا إلى القُرْطاء(1) سنة ستٍّ، قاله ابن إسحاق، وقال سيفٌ في «الفتوح» له: كان أميرها العبَّاس بن عبد المطَّلب، وهو الذي أسر ثمامة (فَجَاءَتْ بِرَجُلٍ مِنْ بَنِي حَنِيفَةَ يُقَالُ لَهُ: ثُمَامَةُ بْنُ أُثَالٍ) بضمِّ المُثلَّثة وتخفيف الميم وبعد الألف ميمٌ أخرى مفتوحةٌ، و«أُثال»: بضمِّ الهمزة وتخفيف المُثلَّثة وبعد الألف لامٌ (سَيِّدُ أَهْلِ اليَمَامَةِ) بتخفيف الميمين: مدينةٌ من اليمن على مرحلتين من الطَّائف (فَرَبَطُوهُ بِسَارِيَةٍ مِنْ سَوَارِي المَسْجِدِ) للتَّوثُّق خوفًا من معرَّته، وهذا موضع التَّرجمة، وقد كان شريحٌ القاضي إذا قضى على رجلٍ أمر بحبسه في المسجد إلى أن يقوم، فإن أعطى حقَّه وإلَّا أمر به إلى السِّجن (فَخَرَجَ إِلَيْهِ رَسُولُ اللهِ صلعم قَالَ) ولأبوي ذرٍّ والوقت: ”فقال“ : (مَا عِنْدَكَ يَا ثُمَامَةُ؟ قَالَ: عِنْدِي يَا مُحَمَّدُ خَيْرٌ) وفي «صحيح ابن خزيمة»: أنَّ ثمامة أُسِر، فكان النَّبيُّ صلعم يغدو إليه، فيقول: «ما عندك يا ثمامة؟» فيقول: إن تَقْتُلْ تقتلْ ذا دمٍ، وإن تَمُنَّ تَمنَّ على شاكرٍ، وإن تُرِدِ المال نعطِك منه ما شئت (فَذَكَرَ الحَدِيثَ) بتمامه كما سيأتي(2) _إن شاء الله تعالى_ في «المغازي» [خ¦4372] (قَالَ) ╕ ، ولأبوي ذرٍّ والوقت: ”فقال“ : (أَطْلِقُوا ثُمَامَةَ) أي: بعد أن أسلم، كما قد صرَّح به في بقيَّة(3) حديث ابن خزيمة السَّابق، ولفظه: فمرَّ صلعم يومًا فأسلم فحلَّه، وهو يردُّ على‼ ظاهر قول البرماويِّ كالكِرمانيِّ: أسره رسول الله صلعم ، ثمَّ أطلقه فأسلم، بفاء التَّعقيب المقتضية لتأخُّر إسلامه عن حَلِّه(4).
          وقد سبق الحديث في «باب الاغتسال إذا أَسْلَم، وربطِ الأسير أيضًا في المسجد» من «كتاب الصَّلاة»(5) [خ¦462] ويأتي إن شاء الله تعالى في «المغازي» [خ¦4372].


[1] زيد في (د): «في».
[2] في (د): «يأتي».
[3] «بقيَّة»: ليس في (ص).
[4] قال السندي في «حاشيته»: المفهوم من رواية «الصحيحين» أنَّه أسلم بعد أن أطلق، ولذلك استدلَّ به المصنِّف فيما بعد على جواز المنِّ على الكافر، وقرَّره القسطلَّاني وغيره عليه إلَّا أنَّ القسطلاني قال ههنا: إنَّه أطلق بعد أن أسلم، واستشهد لذلك ببعض روايات ابن خزيمة وردَّ به على الكِرماني والبرماوي في قولهما: ثمَّ أطلقه فأسلم، فلا وجه لهذا الرَّدِّ بعد أن كان قولهما ممَّا يوافقه روايات «الصحيحين»، والأقرب أنَّ رواية ابن خزيمة شاذَّةٌ لا تعارض روايات «الصحيحين»، والله تعالى أعلم.
[5] «من كتاب الصَّلاة»: ليس في (د) و(د1) و(ص).