إرشاد الساري لشرح صحيح البخاري

حديث: بين يدي الساعة أيام الهرج يزول العلم

          7066- وبه قال: (حَدَّثَنَا مُحَمَّدٌ) ولأبي ذرٍّ زيادة: ”ابنُ بشَّارٍ“ بالمُوحَّدَةِ والمعجمة المشدَّدة، وهو المُلقَّبُ ببُندارٍ قال: (حَدَّثَنَا غُنْدَرٌ) محمَّد بن جعفرٍ قال: (حَدَّثَنَا شُعْبَةُ) بن الحجَّاجِ (عَنْ وَاصِلٍ) هو ابن حيَّان _بالحاء المُهْملةِ المفتوحة والتَّحتيَّة(1) المُشَدَّدةِ_ الكُوفيُّ (عَنْ أَبِي وَائِلٍ) شقيقِ بنِ سلمةَ (عَنْ عَبْدِ اللهِ) بن مسعودٍ ☺ ، قال أبو وائلٍ: (وَأَحْسِبُهُ) أي: أحسِبُ عبدَ الله بنَ مسعودٍ (رَفَعَهُ) رفعَ الحديثَ إلى النَّبيِّ صلعم (قَالَ: بَيْنَ يَدَيِ السَّاعَةِ أَيَّامُ الهَرْجِ) بإضافة «أيَّام» لتاليها (يَزُولُ العِلْمُ) بزوال أهله، ولأبي ذرٍّ والأَصيليِّ وابن عساكر: ”يَزُول فيها“ أي: في أيَّام الهَرْج: ”العلم“ (وَيَظْهَرُ فِيهَا الجَهْلُ) لذهاب العلماء، والاشتغال بالفتن عن‼ العلم (قَالَ أَبُو مُوسَى) الأشعريُّ: (وَالهَرْجُ: القَتْلُ بِلِسَانِ الحَبَشَةِ) قال في «الفتح»: أخطأَ من قال: إن(2) الهرج القتل(3) بلسان العربيَّة وَهَمٌ من بعض الرُّواةِ، ووجهُ الخطأ أنَّها لا تُستَعملُ في اللُّغةِ العربيَّة بمعنى: القتل إلَّا على طريق المجاز؛ لكونِ الاختلاطِ مع الاختلاف يُفْضِي كثيرًا إلى القتل، وكثيرًا ما يُسمُّون الشَّيءَ باسم ما يَؤول إليه، واستعمالُها في القتل بطريق الحقيقة هو بلسان الحبشةِ، فكيف يُدَّعَى على مثلِ(4) أبي موسى الأشعريِّ الوَهَمُ في تفسير لفظةٍ لغويَّةٍ؟! بل الصَّواب معه، واستعمالُ العربِ الهَرْجَ بمعنى: القتل(5) لا يمنع(6) كونها لغة الحبشة.
          7067- (وَقَالَ أَبُو عَوَانَةَ) الوضَّاح بن عبد الله اليَشْكُرِيُّ: (عَنْ عَاصِمٍ) هو ابن أبي النَّجود، أحدُ القرَّاءِ السَّبعة المشهورين (عَنْ أَبِي وَائِلٍ) شَقيقٍ (عَنِ الأَشْعَرِيِّ) أبي موسى ☺ (أَنَّهُ قَالَ لِعَبْدِ اللهِ) بنِ مسعودٍ ☺ : (تَعْلَمُ الأَيَّامَ الَّتِي ذَكَرَ النَّبِيُّ صلعم أَيَّامَ الهَرْجِ؟ نَحْوَهُ) أي: نحو الحديث المذكور «بينَ يَديِ السَّاعةِ أيَّام الهْرج» (قَالَ) ولأبي ذرٍّ: ”وقال“ (ابْنُ مَسْعُودٍ) عبد الله بالسَّند السَّابق: (سَمِعْتُ النَّبِيَّ صلعم يَقُولُ: مِنْ شِرَارِ(7) النَّاسِ مَنْ تُدْرِكُهُمُ السَّاعَةُ وَهُمْ أَحْيَاءٌ) وعند مسلمٍ من حديث ابنِ مسعودٍ أيضًا مرفوعًا: «لا تقوم الساعة إلَّا على شِرار النَّاس»، ورُوِيَ أيضًا من حَديث أبي هريرةَ رفَعه: «إنَّ الله يبعث ريحًا من اليمن ألينَ من الحرير، فلا تَدَعُ أحدًا في قلبه مثقالُ ذرَّةٍ من إيمانٍ إلَّا قبضته»، وله أيضًا: «لا تقومُ السَّاعةُ على أحدٍ يقول: لا إله إلَّا الله»، فإن قلت: قوله صلعم : «لا تزال طائفةٌ من أمَّتي على الحقِّ حتَّى تقومَ السَّاعةُ» ظاهرُه: أنَّها تقوم على قومٍ صالحين، أُجِيبَ بحملِ الغاية فيه على وقتِ هبوب الرِّيح الطَّيِّبة التي تقبضُ روحَ كلِّ مؤمنٍ ومسلمٍ، فلا يبقى إلَّا الشِّرارُ، فتَهْجمُ السَّاعة / عليهم بغتةً.


[1] زيد في (ب) و(س): «المفتوحة».
[2] في (د): «تفسير».
[3] «القتل»: ليس في (د).
[4] «مثل»: ليس في (د).
[5] «بمعنى القتل»: ليس في (ع).
[6] في (ع): «ينفي».
[7] في (ص): «أشرار».