إرشاد الساري لشرح صحيح البخاري

حديث: من رأى من أميره شيئًا يكرهه فليصبر عليه

          7054- وبه قال: (حَدَّثَنَا أَبُو النُّعْمَانِ) محمَّد بن الفضل السَّدوسيُّ البصريُّ قال: (حَدَّثَنَا حَمَّادُ بْنُ زَيْدٍ) بفتح الحاء المهملة والميم المشدَّدة، ابنِ درهمٍ الأزديُّ الجهضميُّ (عَنِ الجَعْدِ أَبِي عُثْمَانَ) بن دينار اليَشْكُريِّ _بتحتيَّة مفتوحةٍ فشينٍ معجمةٍ ساكنةٍ فكافٍ مضمومةٍ_ الصَّيرفيِّ البصريِّ أنَّه قال: (حَدَّثَنِي) بالإفراد (أَبُو رَجَاءٍ) ابن مِلْحَانَ؛ بكسر الميم وسكون اللام بعدها حاء مهملة (العُطَارِدِيُّ قَالَ: سَمِعْتُ ابْنَ عَبَّاسٍ ☻ عَنِ النَّبِيِّ صلعم ) أنَّه (قَالَ: مَنْ رَأَى مِنْ أَمِيرِهِ شَيْئًا يَكْرَهُه فَلْيَصْبِرْ عَلَيْهِ، فَإِنَّهُ) فإنَّ الشَّأن (مَنْ فَارَقَ الجَمَاعَةَ) أي: جماعة الإسلام، وخرج عن طاعة الإمام (شِبْرًا) أي: ولو بأدنى شيءٍ (فَمَاتَ؛ إِلَّا(1) مَاتَ مِيتَةً جَاهِلِيَّةً) أي: فمات على هيئةٍ كان يموت عليها أهل الجاهليَّة؛ لأنَّهم كانوا لا يرجعون إلى طاعة أميرٍ، ولا يتبعون هدى إمامٍ، بل كانوا مستنكفين عن ذلك، مستبدِّين بالأمور، و«مَنْ» استفهامية، والاستفهام إنكاريٌّ، فحكمه حكم النَّفي، فكأنَّه يقول: ما فارق أحدٌ الجماعة شبرًا إلَّا مات مِيتةً جاهليَّةً، أو حذف «ما» النَّافية؛ فهي مقدَّرة، أو «إلَّا» زائدةٌ، أو عاطفةٌ على رأي الكوفيين.
          وفي هذه الأحاديث حجَّة في ترك الخروج على أئمَّة الجَور، ولزوم السَّمع والطَّاعة لهم، وقد أجمع الفقهاء على أنَّ الإمام المتغلِّب تلزم طاعته ما أقام الجماعات والجهاد إلَّا إذا وقع منه كفرٌ صريحٌ، فلا تجوز طاعته في ذلك، بل تجب مجاهدتُه لمن قدر.


[1] «إلَّا»: سقط من (ع).