إرشاد الساري لشرح صحيح البخاري

حديث: إنكم سترون بعدي أثرةً وأمورًا تنكرونها

          7052- وبه قال: (حَدَّثَنَا مُسَدَّدٌ) هو ابن مُسَرْهَدٍ قال: (حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ سَعِيدٍ القَطَّانُ) ثبت: ”القطَّان“ لأبي ذرٍّ، قال: (حَدَّثَنَا الأَعْمَشُ) سليمان بن مهران قال‼: (حَدَّثَنَا زَيْدُ بْنُ وَهْبٍ) أبو سليمانَ الهَمْدانيُّ الجهنيُّ الكوفيُّ، مخضرمٌ ثقةٌ جليلٌ، لم يُصِبْ من قال: في حديثه خللٌ، قال: (سَمِعْتُ عَبْدَ اللهِ) بن مسعود بن غافلٍ الهذليَّ ☺ (قَالَ: قَالَ لَنَا رَسُولُ اللهِ صلعم : إِنَّكُمْ سَتَرَوْنَ) من أمراء (بَعْدِي أَُثَـْرَةً) بفتح الهمزة والمثلَّثة والرَّاء، أو بضمِّ الهمزة وسكون المثلَّثة؛ استئثارًا واختصاصًا بحظوظ ٍدنيويَّةٍ تُؤثرون بها غيركم (وَأُمُورًا تُنْكِرُونَهَا) من أمور الدِّين، وسقطت الواو الأولى من «أمورًا» لابن عساكر، وحينئذٍ فقوله: «أمورًا» بدلٌ من «أثرةً» (قَالُوا: فَمَا تَأْمُرُنَا يَا رَسُولَ اللهِ) أن نفعل إذا وقع ذلك؟ (قَالَ: أَدُّوا إِلَيْهِمْ) أي: إلى الأمراء (حَقَّهُمْ) الذي لهم المُطَالَبَةُ به، وفي رواية الثَّوريِّ عن الأعمش في «علامات النُّبوَّة» [خ¦3603] «تؤدُّون الحقوق التي(1) عليكم» أي: بذل المال الواجب في الزَّكاة والنَّفس، والخروج إلى الجهاد عند التَّعيين ونحوه (وَسَلُوا اللهَ حَقَّكُمْ) وفي رواية الثَّوريِّ: «وتسألون اللهَ الذي لكم» أي: بأن يُلهمهم إنصافكم، أو يُبدلَكم خيرًا منهم، وقال الدَّاوديُّ: سَلُوا الله أن يأخذ لكم حقَّكم، ويقيِّض لكم من يؤدِّيه إليكم، وقيل: تسألون الله سرًّا؛ لأنَّهم إن سألوه جهرًا؛ أدَّى إلى الفتنة، وظاهرُ هذا الحديثِ العمومُ في المخاطبين؛ كما قاله في «الفتح»، قال: ونقل السَّفاقسيُّ عن الدَّاوديِّ أنَّه خاصٌّ بالأنصار، وكأنَّه أخذه من حديث عبد الله بن زيدٍ الذي قبله، ولا يلزم من مخاطبة الأنصار بذلك أن يختصَّ بهم، فقد ورد ما يدلُّ على التَّعميم، وفي حديث عمر في «مسنده» للإسماعيليِّ من طريق أبي مسلمٍ الخولانيِّ عن أبي عبيدة بن الجرَّاح عن عمر(2) رفعه قال: «أتاني جبريل فقال: إن أمَّتك مُفتَتنةٌ من بعدك، فقلت: من أين؟ قال(3): من قِبَلِ أُمرائهم وقُرَّائهم؛ يمنع الأمراءُ النَّاسَ الحقوقَ، فيطلبون حقوقهم فيُفْتَنون، ويتبع القرَّاءُ أهواءَ الأمراءِ فيُفْتَنون، قلت: فكيف يسلم مَنْ يسلم منهم؟ قال: بالكفِّ والصَّبر؛ إن أُعطُوا الذي / لهم أَخذوه، وإن مُنِعوه تركوه».
          وحديث الباب سبق في «علامات النُّبوَّة» [خ¦3603].


[1] في (د): «الذي»، وهو تحريف.
[2] قوله: «في مسنده للإسماعيليِّ... عبيدة بن الجرَّاح عن عمر» سقط من (ع).
[3] في (ع): «فقال».