إرشاد الساري لشرح صحيح البخاري

حديث: ألم تري أن مجززًا نظر آنفًا إلى زيد بن حارثة

          6770- وبه قال: (حَدَّثَنَا قُتَيْبَةُ بْنُ سَعِيدٍ) أبو رجاء قال: (حَدَّثَنَا اللَّيْثُ) بن سعدٍ، إمام المصريِّين (عَنِ ابْنِ شِهَابٍ) محمَّد الزُّهريِّ (عَنْ عُرْوَةَ) بن الزُّبير (عَنْ عَائِشَةَ ♦ ) أنَّها (قَالَتْ: إِنَّ رَسُولَ اللهِ صلعم دَخَلَ عَلَيَّ) بتشديد الياء، البيت حالَ كونه (مَسْرُورًا) حالَ كونه (تَبْرُقُ): تضيءُ وتستنيرُ من السُّرور (أَسَارِيرُ وَجْهِهِ) وهي الخطوطُ الَّتي في الجبهة(1)، واحدُها: سِرٌّ وسَرَرٌ، وجمعُها: أَسْرَار وأسِرَّة، وجمع الجمع: أَسَارير (فَقَالَ) صلعم : (أَلَمْ تَرَيْ) حرف جزمٍ، ومعها(2) همزة التَّقرير، و«تَرَي» مجزومٌ به بحذفِ النون، والرُّؤية علميَّة، وسدَّتْ «أنَّ» في قوله: (أَنَّ مُجَزَِّزًا) مسدَّ مفعوليها، ولذا فتحت «أنَّ» و«مُجَزَِّزًا♣»‼ بضم الميم وفتح الجيم وكسر الزاي الأولى المشدَّدة وتفتح، اسم «إنَّ» وسمِّي مجزِّزًا؛ لأنَّه كان يجزُّ ناصية الأسيرِ في زمن الجاهليَّة ويطلقه، وهو ابنُ الأعور بنِ جَعْدة المُدْلِجِيُّ (نَظَرَ آنِفًا) خبر «أنَّ» و«آنفًا» بالمدِّ ويُقصر، ظرف زمان، أي: السَّاعة (إِلَى زَيْدِ بْنِ حَارِثَةَ وَأُسَامَةَ بْنِ زَيْدٍ فَقَالَ: إِنَّ هَذِهِ الأَقْدَامَ بَعْضُهَا مِنْ(3)) ولأبي ذرٍّ عن الحَمُّويي والمُستملي ”لمن“ (بَعْضٍ) أي: لكائنة من بعضٍ، أو مخلوقةٌ من بعضٍ، كقوله تعالى: {بَعْضُكُم مِّن بَعْضٍ}[النساء:25] أي: مخلوقون من بعضٍ، وسبب سرورهِ ╕ أنَّ الجاهليَّة كانت تقدحُ في نسبِ أسامة؛ لكونهِ أسودَ شديدَ السَّواد لكون أمِّه كانَت سوداء وزيدٌ أبيضُ من القطنِ، فلمَّا قال مجزِّزٌ ما قالَ مع اختلاف اللَّون سُرَّ / صلعم بذلك لكونهَ كافًّا لهم عن الطَّعن فيه لاعتقادِهم ذلك.
          والحديث أخرجَه مسلم في «النِّكاح»، وأبو داود في «الطَّلاق»، والتِّرمذيُّ في «الولاء»، والنَّسائيُّ في «الطَّلاق».


[1] في (ع): «جبهته».
[2] (ب) و(س): «معه».
[3] في (د) و(ع) زيادة: «بعض».