إرشاد الساري لشرح صحيح البخاري

حديث: ألحقوا الفرائض بأهلها فما بقي فلأولى رجل ذكر

          6737- وبه قال: (حَدَّثَنَا سُلَيْمَانُ بْنُ حَرْبٍ) الواشحيُّ قال: (حَدَّثَنَا وُهَيْبٌ) بضم الواو، ابن خالدٍ (عَنِ ابْنِ طَاوُسٍ) عبد الله (عَنْ أَبِيهِ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ ☻ ، عَنِ النَّبِيِّ صلعم ) أنَّه (قَالَ: أَلْحِقُوا) بكسر الحاء المهملة (الفَرَائِضَ بِأَهْلِهَا فَمَا بَقِيَ فَلأَوْلَى رَجُلٍ ذَكَرٍ) قال الطِّيبيُّ: أوقعَ الموصوف مع الصِّفة موقعَ العصبةِ، كأنَّه قيل: فما بقِيَ فهو لأقربِ عصبَةٍ، والعصبَةُ يسمَّى بها الواحدُ والجمع والمذكَّر والمؤنَّث، كما قاله المُطَرِّزيُّ وغيره، وسُمُّوا عصبةً لأنَّهم يعصِّبُونه ويعتَصِبُ(1) بهم، أي: يحيطونَ به ويشتدُّ بهم، والعصبةُ الأقاربُ من جهة الأبِ مَن لا مُقَدَّرَ له مِن الورثةِ، ويدخلُ فيه من يرثُ بالفرضِ والتَّعصيب، كالأبِ والجدِّ من جهة التَّعصيب، فيرث التَّركة، أو ما فَضَلَ عن الفرضِ إن كان معه ذو فرضٍ. وجملة عصباتِ النَّسب: الابنُ والأبُ ومَن يُدْلي بهم، ويقدَّم منهم: الأبناء، ثمَّ بنوهم وإن سفلوا، ثمَّ الأب، ثمَّ الجدُّ، والإخوةُ للأبوين أو للأبِ(2) وهم في درجتِهم.
          وقال البغويُّ: في الحديثِ دليلٌ على أنَّ بعضَ الورثة يحجبُ البعضَ، والحجبُ نوعان: حجبُ نقصانٍ، وحجبُ حرمانٍ، ووجه دخولهِ في هذا الباب أنَّه دلَّ على أنَّ الَّذي يبقى بعد الفرضِ يُصرَفُ لأقرب النَّاس إلى الميِّت، فكان الجدُّ أقرب فيقدَّم.
          وقال الكِرْمانيُّ: فإن قلت: حقُّ التَّرجمة أن يُقال: ميراثُ الجدِّ مع الإخوة؛ إذ لا دخلَ لقولهِ: مع الأب، فيها؟ قلتُ: غرضُه بيان مسألةٍ أخرى، وهي أنَّ الجدَّ لا يرثُ مع الأب وهو محجوبٌ به، كما يدلُّ عليه قوله: «فلأَوْلى رجلٍ».
          والحديث سبق قريبًا [خ¦6735].


[1] في (د): «ويعصب».
[2] في (د): «لأب».