إرشاد الساري لشرح صحيح البخاري

حديث: خذه فأطعمه أهلك

          6711- وبه قال: (حَدَّثَنَا عَبْدُ اللهِ بْنُ مَسْلَمَةَ) القعنبيُّ قال: (حَدَّثَنَا سُفْيَانُ) بن عُيينة (عَنِ الزُّهريِّ) محمَّدِ بن مسلمٍ (عَنْ حُمَيْدٍ) بالتَّصغير، ابن عبدِ الرَّحمن (عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ) ☺ ، أنَّه (قَالَ: جَاءَ رَجُلٌ) من بني بَيَاضة، اسمه: سلمةُ بن صخرٍ، أو أعرابيٌّ (إِلَى النَّبِيِّ صلعم ، فَقَالَ): يا رسولَ الله (هَلَكْتُ) وفي رواية عائشة في «الصَّوم» [خ¦1935]: «أنَّه احترقَ» وأطلق ذلك لاعتقاده أنَّ مرتكب الإثمِ يعذَّب بالنَّار، فهو مجازٌ عن العصيانِ (قَالَ) صلعم : (وَمَا شَأْنُكَ؟ قَالَ: وَقَعْتُ عَلَى امْرَأَتِي) جامعتُها (فِي) نهارِ (رَمَضَانَ، قَالَ) ولأبي ذرٍّ: ”فقال“: (هَلْ تَجِدُ مَا تُعْتِقُ) بضم الفوقية (رَقَبَةً؟ قَالَ: لَا، قَالَ: فَهَلْ تَسْتَطِيعُ أَنْ تَصُومَ شَهْرَيْنِ مُتَتَابِعَيْنِ؟ قَالَ: لَا) سقط قوله: «قال: فهل...» إلى آخره [لأبي ذرٍّ](1)، (قَالَ: فَهَلْ تَسْتَطِيعُ أَنْ تُطْعِمَ سِتِّينَ مِسْكِينًا؟ قَالَ: لَا أَجِدُ) قال أبو هُريرة: (فَأُتِيَ النَّبِيُّ صلعم بِعَرَقٍ فِيهِ تَمْرٌ، فَقَالَ(2): خُذْ هَذَا) التَّمر (فَتَصَدَّقْ بِهِ) على ستِّين مسكينًا (فَقَالَ: أَعَلَى) أي: أتصدَّق به على أحدٍ (أَفْقَرَ مِنَّا؟ مَا بَيْنَ لَابَتَيْهَا) حرَّتي المدينةِ (أَفْقَرُ مِنَّا. ثُمَّ قَالَ) صلعم (خُذْهُ) أي: التَّمر (فَأَطْعِمْهُ أَهْلَكَ).
          قال ابنُ المُنَيِّر: ليس في الحديث إلَّا قولهُ: «أطعمهُ أهلكَ»، لكن إذا جاز إعطاء الأقرباءِ فالبعداءُ أجوزُ، وقاسَ كفَّارة اليمينِ على كفَّارة الجماعِ في الصِّيام في إجازةِ الصَّرف إلى الأقرباءِ. انتهى.
          وهو على رأي من حمل قولهُ: «أطعمهُ أهلكَ» على أنَّه في الكفَّارة، وأمَّا من حملهُ على أنَّه أعطاه التَّمر المذكور في الحديث لينفقَهُ على أهله(3)، وتستمرّ الكفَّارة في ذمَّته إلى أن يحصلَ له اليسار، فلا يتَّجه الإلحاقُ، وكذا على قولِ من يقولُ بالإسقاطِ عن المعسرِ مطلقًا قاله في «الفتح». وفي رواية ابنِ إسحاقَ: «خُذْها وكُلْها وأنفقْهَا على عيالِكَ» أي: لا عن الكفَّارة، بل هي تمليكٌ مطلقٌ(4) بالنِّسبةِ إليه وإلى عيالهِ، وكان ذلك من مالِ الصَّدقة، وأمَّا حديث عليٍّ: «فكلْهُ أنت وعيالُكَ فقدْ كفَّرَ اللهُ عنكَ» فضعيفٌ لا يحتجُّ به، وقد وردَ الأمرُ بالقضاءِ، كما في حديث عندِ البيهقيِّ.


[1] قوله «لأبي ذرٍّ»: زيادة من هوامش اليونينية ليست في الأصول، ونبَّه عليها.
[2] في (د): «قال».
[3] في (د): «لنفقة أهله».
[4] في (د): «بل هي عليك فأطلق».