إرشاد الساري لشرح صحيح البخاري

حديث: كان رسول الله يحب الحلواء والعسل

          5431- وبه قال: (حَدَّثَنِي) بالإفراد (إِسْحَاقُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ الحَنْظَلِيُّ) بالحاء المهملة والظاء المعجمة، نسبة إلى حنظلةَ بن مالك، المشهور بابن رَاهُوْيَه (عَنْ أَبِي أُسَامَةَ) حمَّاد بن أسامة (عَنْ هِشَامٍ) أنَّه (قَالَ: أَخْبَرَنِي) بالإفراد (أَبِي) عروة بن الزُّبير بن العوَّام (عَنْ عَائِشَةَ ♦ ) أنَّها (قَالَتْ: كَانَ رَسُولُ اللهِ صلعم يُحِبُّ الحَلْوَاءَ) بالمدِّ والقصر (وَ) يحبُّ (العَسَلَ).
          وفي «فقه اللغة» للثَّعالبيِّ: إنَّ حلوى النَّبيِّ صلعم الَّتي كان يحبها هي المجيع _بالجيم بوزن عظيم_ وهو تمرٌ يعجن بلبن، فإن صحَّ هذا وإلَّا فلفظ الحلوى يعمُّ كلَّ ما فيه حلو، وما يشابه الحلوى والعسل من المآكل اللَّذيذة، وقد(1) دخل العسلُ في قولها: الحلوى، ثمَّ ثنت بذكره على انفرادهِ لشرفه كقولهِ تعالى: {وَمَلآئِكَتِهِ وَرُسُلِهِ وَجِبْرِيلَ وَمِيكَالَ}[البقرة:98] فما خلق الله لنا في معناه أفضل منه ولا مثله ولا قريبًا منه؛ إذ هو غذاءٌ من الأغذية، ودواءٌ من الأدوية، وشرابٌ من الأشربة، وحلو من الحلوى، وطلاءٌ من الأطلية، ومفرحٌ من المفرحات، وله خواصُّ ومنافع تأتي _إن شاء الله تعالى_‼ مع غيرها من المباحث في «كتاب الطِّبِّ» بعون الله، وليس المراد _كما قاله الخطَّابيُّ وغيره_ أنَّ حبَّه ╕ لذلك(2) بمعنى: كثرةِ التَّشهِّي، وشدَّة نزاع النَّفس، بل كان يتناولُ منها إذا حضرتْ نيلًا صالحًا أكثرَ ممَّا(3) يتناوله من غيرها.
          وهذا الحديثُ أخرجهُ البخاريُّ أيضًا في «الأشربةِ» [خ¦5599] و«الطِّبِّ» [خ¦5682] و«تركِ الحيل» [خ¦6972]، ومسلمٌ في «الطَّلاق»(4)، وأبو داود في «الأشربةِ»، والنَّسائيُّ في «الطِّبِّ»، وابنُ ماجه في «الأطعمةِ».


[1] في (د): «فقد».
[2] في (ص): «كذلك».
[3] في (م) و(د): «ما».
[4] «في الطلاق»: ليست في (ب)، وفي (د): كلمة «الطلاق» جاء مكانها بياض.