إرشاد الساري لشرح صحيح البخاري

حديث: يا عبد الرحمن لا تسأل الإمارة

          7146- وبه قال: (حَدَّثَنَا حَجَّاجُ بْنُ مِنْهَالٍ) بكسر الميم وسكون النُّون، الأنماطيُّ البصريُّ قال: (حَدَّثَنَا جَرِيرُ بْنُ حَازِمٍ) بالحاء المهملة والزَّاي، الأزديُّ (عَنِ الحَسَنِ) البصريِّ (عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ سَمُرَةَ) بن حبيب بن عبد شمسٍ، أسلم يوم الفتح ☺ (قَالَ: قَالَ النَّبِيُّ) ولأبي ذرٍّ: ”قال لي النَّبيُّ“(1) ( صلعم : يَا عَبْدَ الرَّحْمَنِ؛ لَا تَسْأَلِ الإِمَارَةَ) بكسر الهمزة (فَإِنَّكَ إِنْ أُعْطِيتَهَا عَنْ مَسْأَلَةٍ) عن سؤالٍ، و«عن» يُحتَمل أن تكون بمعنى: الباء، أي: بسبب مسألةٍ، أو بمعنى: «بعد» أي: بعد مسألةٍ؛ كقوله تعالى: {لَتَرْكَبُنَّ طَبَقًا عَن طَبَقٍ}[الانشقاق:19] أي: بعد طبقٍ، وقول العجَّاج:
ومنهلٍ وردته عن منهلِ
أي: بعد منهلٍ، وجواب الشَّرط قوله: (وُكِلْتَ إِلَيْهَا) بضمِّ الواو وكسر الكاف مخفَّفةً وسكون اللَّام: صُرِفْتَ إليها ولم تُعَن عليها؛ من أجل حرصك (وَإِنْ أُعْطِيتَهَا) بضمِّ الهمزة (عَنْ(2) غَيْرِ مَسْأَلَةٍ) وجواب الشَّرط قولُه: (أُعِنْتَ عَلَيْهَا) وعن أنسٍ رفعه: «من طلب القضاء واستعان عليه بالشُّفعاء؛ وُكِلَ إلى نفسه، ومن أُكرِه عليه؛ أنزل الله عليه مَلَكًا يسدِّده» أخرجه ابن المنذر والتِّرمذيُّ وأبو داود وابن ماجه، وفي معنى الإكراه عليه أن يُدعى إليه، فلا يرى نفسه أهلًا لذلك؛ هيبةً له وخوفًا من الوقوع في المحذور، فإنَّه يُعان عليه إذا دخل فيه ويُسدَّد، قاله المهلَّب (وَإِذَا حَلَفْتَ عَلَى) محلوف (يَمِينٍ، فَرَأَيْتَ) فعلمت أو ظننت (غَيْرَهَا خَيْرًا مِنْهَا؛ فَكَفِّرْ يَمِينَكَ) بالنَّصب على المفعوليَّة، ولأبي ذرٍّ: ”عن يمينك“ (وَائْتِ الَّذِي هُوَ خَيْرٌ) واتُّفِق على أنَّ الكفَّارة إنَّما تجب بعد الحنث، ولا تُقدَّم على اليمين، واختُلف في توسُّطها بين اليمين والحنث‼؛ فقال بالجواز أربعةَ عشَر من الصَّحابة، وبه قال مالكٌ والشَّافعيُّ، واستثنى الشَّافعيُّ التَّكفير بالصَّوم؛ لأنَّه(3) عبادةٌ بدنيَّةٌ، فلا تقدَّم قبل وقتها، ومناسبة الجملة لسابقتها أنَّ الممتنِع من الإمارة قد يؤدِّي به الحال إلى الحلف على عدم القبول مع كون المصلحة في ولايته.
          والحديث سبق في «الأيمان» [خ¦6622].


[1] في (د) و(ع): «رسول الله».
[2] في (د): «من».
[3] في (ص): «فإنَّه».