التلويح إلى معرفة ما في الجامع الصَّحيح

باب ما يجوز من ذكر الناس نحو قولهم الطويل والقصير

          ░45▒ (بَابُ مَا يَجُوزُ مِنْ ذِكْرِ النَّاسِ، نَحْوَ قَوْلِهِمْ: الطَّوِيلُ وَالقَصِيرُ)
          (وَقَالَ النَّبِيُّ صلعم : مَا يَقُولُ ذُو اليَدَيْنِ)
          تقدَّم أنَّه رجلٌ مِن بني سليمٍ، يُقال: له الخِرْبَاق، بكسر الخاء المعجمة وسُكون الرَّاء وفتح الباء الموحدة وبالقاف، ولُقِّب بذي اليدين لطول يديه. وقيل: الخِرْباق: لقبٌ، واسمه: عُمير بن عبد عمرو بن نَضْلَة. وقيل: إنَّه أيضًا ذو الشَّمالين، فيما رواه مالك بن أنسٍ عن الزهريِّ، وقال ابن عبد البِرِّ: إنَّ ذا اليدين غير ذي الشَّمالين، وأنَّ ذا اليدين هو المذكور في سجود السَّهو، وأنَّه الخِرْبَاق. وأمَّا ذو الشِّمالين فإنَّه عُمير بن عبد عمرو بن نْضْلَة _بنونٍ مفتوحةٍ وضادٍ معجمةٍ ساكنةٍ_ وكلاهما صحابيٌّ.
          قوله: (وَمَا لاَ يُرَادُ بِهِ شَيْنُ الرَّجُلِ) أي غيبته. وَغرض البخاريُّ بذلك جواز قول: الطويل ونحوه، على جهة التعريف والتمييز له مِن بين سائر النَّاس كقولهم: يزيد الرِّشْكُ، والأحنف بن قيسٍ، وسليمان الأعمش، وعبد الرَّحمن الأعرج. ومثله النَّسبة إلى الأمَّهات: كإسماعيل بن عليَّة، وابن عائشة، وابن صفيَّة، وزيد بن الدَّثِنَةِ، ومحمَّد بن الحنفيَّة، فليس ذلك مِن معنى الغيبة، وهو ظاهر إيراد البخاريِّ حيث استدلَّ بحديث ذي اليدين، وروى أبو حاتمٍ الرَّازيِّ: عن عَبْدَةَ، قال: سُئل ابن المبارك عن الرَّجل يقول: حميد الطويل، ومَن قال: الأصغر، وسليمان الأعمش، فقال: إن أراد صفته ولم يُرد غيبته فلا بأس به. وسُئل عبد الرحمن بن مهديٍّ عن ذلك فقال: لا أراه غيبةً، ربَّما سمعتُ شعبة يقول ليحيى بن سعيدٍ، حدَّثنا الأحْول، والأسباب الَّتي يُباح فيها الغيبة ذكرها أصحابنا، وقالوا / في نحو فلانٍ الطويل، والأعمش، ونحوه: إن أراد التعريف لم يَحرُم، وأمَّا إذا أُريد به النَّقص فيحرُم.