تحفة الباري بشرح صحيح البخاري

باب قول الله تعالى: {وآتينا داود زبورًا}

          ░37▒ (بَابُ: قَوْلِ الله تعَالى: {وَآتَيْنَا دَاوُدَ زَبُورًا} [النساء:163]) أي كتابًا مشتملًا على مائة وخمسين سورة بالعِبرانيَّة: خمسون منها فيما يلقونه مِن بُخْتَ نَصَّر، وخمسون منها فيما يلقونه مِن الرُّوم(1)، وخمسون منها مواعظ وحكم، وليس فيه شيء مِن الأحكام الشرعية.
          ({وَلَقَدْ آتَيْنَا دَاوُودَ مِنَّا فَضْلًا} [سبأ:10]) أي: نبوَّة وكتابًا وصوتًا بديعًا وقوة وقدرة وتسخير الجبال والطير. ({يَا جِبَالُ}) بدل مِن قوله: ({فَضْلًا}) بإضمار: قولَنا. (سَبِّحِي مَعَهُ) فسر به ({أَوِّبِي مَعَهُ}) وأوِّبي: أمر مِن التأويب وهو الترجيع؛ أي: رجِّعي معه التسبيح، ({وَالطَّيْرَ}) بالنصب عطف على محل الجبال أو على (فَضْلًا)، أو هو مفعول معه، ({وَأَلَنَّا لَهُ الحَدِيدَ} [سبأ:10]) أي: صيرناه له كالشَّمع، ({أَنِ}) مفسرة تمييز له أي: ({اعْمَلْ سَابِغَاتٍ}) أي: (الدُّرُوْعَ). ({وَقَدِّرْ فِي السَّرْدِ} [سبأ:11]) أي: في (المَسَامِيرِ وَالحَلَقِ) إن(2) جررتهما(3)، أو معناه: المساميرَ والحَلَقَ إن رفعتهما، وهذا تفسير مِن البخاري، وفسره بعضهم بقوله: لا تجعل المسامير دِقاقًا ولا غلاظًا، وبعضهم: بنسجِ الدِّرع(4) وهو تداخل الحَلَق بعضها في بعض، وإلى الأولين الإشارة بقوله: (وَلَا تُدِقَّ) بضم الفوقية مِن الدقة (المِسْمَارَ فَيَتَسَلْسَلَ) في نسخة: <فَيَتَسَلَّلَ>(5)، وفي أخرى:(6) <فَيَسَلْسَ> أي: فيسهل، (وَلَا تُعَظِّمْ(7)) أي: ولا تغلظه، (فَيَفْصِمَ) أي: فيقطع.
           ({أَفْرِغْ}) أي: في قوله تعالى: {رَبَّنَا أَفْرِغْ} [البقرة:250] معناه: (أَنْزَلَ) هذا وإن كان في قصة طالوت، لكن فيها قصة داود فكأنه ذكر ذلك؛ لأنَّ قصتهما واحدة.
           ({بَسْطَةً}) يعني في قوله تعالى: {وَزَادَهُ بَسْطَةً} [البقرة:247] أي(8): (زِيَادَةً وَفَضْلًا). ({وَاعْمَلُوا}) أي: آل داود ({صَالِحًا إِنِّي بِمَا تَعْمَلُونَ بَصِيرٌ} [سبأ:13]) أي: فأجازيكم(9) عليه أحسن جزاء.


[1] قوله: ((وخمسون منها فيما يلقونه مِن الرُّوم)) ليس في (د).
[2] في (د): ((أي)).
[3] في (ع): ((حررتهما)).
[4] في (ع) و(ك) و(د) والمطبوع: ((الدروع)).
[5] في (ك): ((فيتسلل في نسخة فيتسلسل)).
[6] قوله ((<فَيَتَسَلَّلَ>، وفي أخرى:)) ليس في المطبوع.
[7] في (ع) و(ك): ((ولا يعظم)).
[8] قوله ((أي)) ليس في المطبوع.
[9] في (ع): ((فإجازتكم)).