تحفة الباري بشرح صحيح البخاري

باب قول الله تعالى: {وإلى ثمود أخاهم صالحًا}

          ░17▒ (بَابُ: قَوْلِ اللهِ تَعَالى: {وَإِلَى ثَمُودَ أَخَاهُمْ صَالِحًا} [النمل:45]) أي: وأرسلنا(1) إلى ثَمُودَ(2) صالحًا.
          ({كَذَّبَ أَصْحَابُ الحِجْرِ}) أشار به إلى قوله تعالى: {وَلَقَدْ كَذَّبَ أَصْحَابُ الحِجْرِ المُرْسَلِينَ} [الحجر:80] وفسر الحجر فيه بقوله: (مَوْضِعُ ثَمُودَ) وهو: ما بين المدينة والشام.
          (وَأَمَّا {حَرْثٌ حِجْرٌ}) أشار به إلى قوله تعالى: {وَقَالُوا هَذِهِ أَنْعَامٌ وَحَرْثٌ حِجْرٌ} [الأنعام:138] وفسر الحِجرَ فيه بقوله: (حَرَامٌ)، والأصل فحرام بالفاء لأنه جواب (أَمَّا) وحذفها فيه جائز. (وَكُلُّ مَمْنُوعٍ: فَهُوَ حِجْرٌ مَحْجُورٌ) أي: كل شيء يمنع فهو حِجرٌ أي: حرام. (وَالحِجْرُ كُلُّ بِنَاءٍ بَنَيْتَهُ) في نسخة: <تَبْنِيْهِ>.
          (وَمِنْهُ) أي: ومِن قبيل مادة الحِجر (سُمِّيَ حَطِيمُ البَيْتِ حِجْرًا) وهو: الحائط المستدير بجانب الكعبة.
          (كَأَنَّهُ) أي: الحَطِيمُ (مُشْتَقٌّ مِنْ مَحْطُومٍ، مِثْلُ قَتِيلٍ مِنْ مَقْتُولٍ) أراد بذلك أن فَعيلًا بمعنى: مفعول، لا أنه مشتق منه اصطلاحًا، ومعنى المحطوم: المكسور، وكأن الحَطِيم سُمِّيَ به لأنه كُسِر مِن الكعبة؛ أي: أُخرج عنها هيئتُه.
          (وَيُقَالُ لِلْأُنْثَى) إلى آخره، حاصله مع ما مرَّ: أن الحِجرَ يقال لأمور عُرفت مِن كلامه وهو فيها بفتح الحاء وكسرها، بل هو مثلث إذا كان بمعنى الحرام، والكسر أفصحُ قاله الجَوهَري، وفي حَجْرِ القميص الفتحُ والكسر والفتح أفصح، وكما يطلق الحِجرُ على العقل يُطلق على السِّتر بجامع أن كلًا منهما يمنع المحذور، ومِن الثاني خبر(3): ((مَنْ بَاتَ عَلَى ظَهْرِ بَيْتٍ لَيْسَ عَلَيْهِ حِجرٌ فَقَدْ بَرِئَتْ مِنْهُ الذِّمَّةُ)).
          (وَأَمَّا حَجْرُ اليَمَامَةِ) بفتح الحاء، (فَهُوَ مَنْزِلٌ) أي: منزلُ ثَمُودَ بناحية الشام عند وادي القُرَى وبتفسير(4) المنزل بما ذكر حصلت المناسبة بين ما ذكره والترجمة.


[1] في (د): ((فأرسلنا)).
[2] زاد في المطبوع: ((أخاهم)).
[3] أبي داود5041؛ بلفظ: (حِجارٌ).
[4] المثبت في النسخ: ((وبتفسيري)).