تحفة الباري بشرح صحيح البخاري

باب قول الله تعالى: {واتخذ الله إبراهيم خليلًا}

          ░8▒ (بَابُ: قَوْلِ اللهِ تَعَالى: {وَاتَّخَذَ اللهُ إِبْرَاهِيمَ خَلِيلًا} [النساء:125]). سمي خليلًا لشدة محبة ربه تعالى له لما قام له مِن الطاعة التي يحبها ويرضاها، أو لأنه لما أصاب مَن معه جَدْب أرسل إلى خليلٍ له مِن أهل الموصل أو مِن أهل مصر ليمتارَ لمَن معه طعامًا فلم يجده(1) عنده، فلما قرب من أهله مرَّ بمفازة ذات رِمال فقال: لو ملأت غرائري مِن هذا الرمل لئلا أغمَّ أهلي برجوعي إليهم بغير مِيرة؛ وليظنوا أني آتيهم(2) بما يحبون، ففعل ذلك، فتحول ما في غرائره مِن الرمل دقيقًا فلما صار إلى منزله نام، وفتح أهلُه الغرائرَ فوجدوا دقيقًا فعجنوا منه وخبزوه، فاستيقظ فسألهم عن الدقيق (3)الذي خبزوا منه فقالوا: مِن الدقيق الذي جئت به مِن عند خليلك، فقال: نعم هو مِن خليلي الله.
           (وَقَوْلِهِ) بالجر عطف على (قَوْلِ اللهِ).
          (لَأَوَّاهٌ) أي: كثير التأوُّه بقوله: أَوَّه، وهو(4) المتأوِّه: المتضرِّع، وقيل: هو كثير البكاء، وقيل: كثير الدعاء، وقيل: غير ذلك.
          (وَقَال أَبُو مَيْسَرَةَ) هو عَمرو بن شُرَحبِيل الهَمْداني: معنى الحليم: (الرَّحِيمُ)، في نسخة: <الأَوَّاهُ الرَّحِيمُ>، (بِلِسَانِ الحَبَشَةِ) ليس لذكره كبير(5) معنى.


[1] في المطبوع: ((يجد)).
[2] في (ع) و(ك) والمطبوع: ((أتيتهم)).
[3] قوله: ((الغرائرَ فوجدوا دقيقًا فعجنوا منه وخبزوه، فاستيقظ فسألهم عن الدقيق)) ليس في (د).
[4] في المطبوع: ((و)).
[5] في (د): ((كثير)).