تحفة الباري بشرح صحيح البخاري

باب: {وإن إلياس لمن المرسلين. إذ قال لقومه ألا تتقون}

          ░4▒ (بَابُ: {وَإِنَّ اليَاسَ لَمِنَ المُرْسَلِينَ إِذْ} [الصافات:123]) منصوب باذكر مقدرًا.
           ({قَال لِقَوْمِهِ أَلَا تَتَّقُونَ. أَتَدْعُونَ بَعْلًا}) اسم لصنم لهم مِن ذهب. ({وَتَذَرُونَ أَحْسَنَ الخَالِقِينَ}[الصافات:124_125]) أي: تتركونه، ({اللهَ رَبَّكُمْ وَرَبَّ آبَائِكُمُ الأَوَّلِينَ} [الصافات:126]) برفع الثلاثة على الاستئناف، وبنصبها على البدل مِن أحسن، ({فَكَذَّبُوهُ فَإِنَّهُمْ لَمُحْضَرُونَ} [الصافات:127]) أي: في النار، ({إلا عِبَادَ اللهِ المُخْلَصِينَ. وَتَرَكْنَا عَلَيْهِ فِي الآخِرِينَ } [الصافات:128_129]). أي: ثناء حسنًا وإليه أشار بقوله: (قَال ابن عَبَّاسٍ: يُذْكَرُ بِخَيْرٍ) أي: إلياس. ({سَلَامٌ عَلَى آلِ يَاسِينَ} [الصافات:130]) بفتح الهمزة ومدها بإضافة (آلِ) إلى (يَاسِينَ) والمراد: (آلِ) إلياسَ(1)، وقرئ بكسرها وقصرها على لغة في إلياس، ({إِنَّا كَذَلِكَ نَجْزِي المُحْسِنِينَ. إِنَّهُ مِنْ عِبَادِنَا المُؤْمِنِينَ} [الصافات:130-131]) الضمير في (إِنَّهُ) لإلياس. (أَنَّ اليَاسَ هُوَ إِدْرِيسُ) بناه قائله على أنَّ إدريس لم يكن جدًّا لنوح ◙، وإنما هو مِن بني إسرائيل، واستشكل بأن قوله تعالى: {وَنُوحًا هَدَيْنَا مِنْ قَبْلُ وَمِنْ ذُرِّيَّتِهِ} [الأنعام:84] إلى آخره يقتضي أن إلياس مِن ذرية نوح، وقد أجمعوا على أن إدريس كان جدًّا لنوح فكيف يقال: إنَّ إلياس هو إدريس؟ وقد يجاب: بأنه جد كما دلَّ عليه كلام ابن إسحاق وِفاقًا للإجماع ويؤوَّل كلام ابن مَسعود وابن عبَّاس بأن إدريس الذي هو جدُّ نوح يسمى أيضًا بإلياس، وهو غير إلياس الذي مِن ذرية نوح.


[1] في (ع): ((ياسين)).