شرح الجامع الصحيح لابن بطال

باب إثم الزناة

          ░20▒ باب: إِثْمِ الزُّنَاةِ وَقَوْلِهِ ╡: {وَلا يَزْنُونَ}[الفرقان:68]{وَلا تَقْرَبُوا الزِّنَا إِنَّهُ كَانَ فَاحِشَةً}[الإسراء:32].
          فيه: أَنَسٌ، قَالَ: لأحَدِّثَنَّكُمْ حَدِيثًا لا يُحَدِّثُكُمُوهُ أَحَدٌ بَعْدِي سَمِعْتُهُ مِنَ النَّبيِّ صلعم، سَمِعْتُ النَّبيَّ صلعم يَقُولُ: (لا تَقُومُ السَّاعَةُ، وَإِمَّا قَالَ: مِنْ أَشْرَاطِ السَّاعَةِ: أَنْ يُرْفَعَ الْعِلْمُ وَيَظْهَرَ الْجَهْلُ، وَيُشْرَبَ الْخَمْرُ، وَيَظْهَرَ الزِّنَا، وَيَقِلَّ الرِّجَالُ وَيَكْثُرَ النِّسَاءُ حَتَّى يَكُونَ ِلْخَمْسِينَ امْرَأَةً الْقَيِّمُ الْوَاحِدُ). [خ¦6808]
          وفيه: ابْنُ عَبَّاسٍ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ صلعم: (لا يَزْنِي العَبدُ حِينَ يَزْنِي وَهُوَ مُؤْمِنٌ، وَلا يَسْرِقُ حِينَ يَسْرِقُ وَهُوَ مُؤْمِنٌ، وَلا يَشْرَبُ حِينَ يَشْرَبُ وَهُوَ مُؤْمِنٌ، وَلا يَقْتُلُ وَهُوَ مُؤْمِنٌ). [خ¦6809]
          قَالَ عِكْرِمَةُ: قُلْتُ لابْنِ عَبَّاسٍ: كَيْفَ يُنْزَعُ الإيمَانُ مِنْهُ؟ قَالَ: هَكَذَا، وَشَبَّكَ بَيْنَ أَصَابِعِهِ ثُمَّ أَخْرَجَهَا، فَإِنْ تَابَ عَادَ إِلَيْهِ هَكَذَا وَشَبَّكَ بَيْنَ أَصَابِعِهِ.
          وفيه: أَبُو هُرَيْرَةَ، مثلَهُ، غَيرَ قول عِكْرِمَةُ، قَالَ أَبُو هُرَيْرَةَ: وَالتَّوْبَةُ مَعْرُوضَةٌ بَعْدُ. [خ¦6810]
          وفيه: عَبْدُ اللهِ قَالَ: (قُلْتُ: يَا رَسُولَ اللهِ أَيُّ الذَّنْبِ أَعْظَمُ؟ قَالَ: أَنْ تَجْعَلَ لِلَّهِ نِدًّا وَهُوَ خَلَقَكَ، قُلْتُ: ثُمَّ أَيٌّ؟ قَالَ: أَنْ تَقْتُلَ وَلَدَكَ مِنْ أَجْلِ أَنْ يَطْعَمَ مَعَكَ، قُلْتُ: ثُمَّ أَيٌّ؟ قَالَ: أَنْ تُزَانِيَ حَلِيلَةَ جَارِكَ). قال يحيى، مثلَه. [خ¦6811]
          أجمعت الأمَّة أنَّ الزنا من الكبائر، وأخبر صلعم في حديث أنسٍ أن ظهوره من أشراط الساعة.
          قال المُهَلَّب: وفي حديث عبد الله ترتيب الذنوب في العِظَم، وقد يجوز أن يكون بين الذنبين المرتَّبين ذنبٌ غير مذكورٍ، هو أعظم من المذكور، وذلك أنَّه لا خلاف بين الأمَّة أنَّ عمل قوم لوطٍ أعظم من الزنا. وكان صلعم إنَّما قصد بالتعظيم من الذنوب إلى ما يخشى مواقعته وبه الحاجة إلى بيانه وقت السؤال كما فعل في الإيمان بوفد عبد القيس وغيرهم.
          وإنَّما عظم الزنا بحليلة الجار، وإن كان الزنا كلُّه عظيمًا؛ لأنَّ الجار له من الحرمة والحقِّ ما ليس لغيره، فمن لم يراع حقَّ الجوار فذنبه مضاعفٌ؛ لجمعه بين الزنا وبين خيانة الجار الذي وصَّى الله ╡ بحفظه.