عمدة القاري في شرح صحيح البخاري

حديث: من حلف على يمين يستحق بها مالا
  
              

          2515- 2516- (ص) / حَدَّثَنَا قُتَيْبَةُ بْنُ سَعِيدٍ: حَدَّثَنَا جَرِيرٌ عَنْ مَنْصُورٍ، عَنْ أَبِي وَائِلٍ قَالَ: قَالَ عَبْدُ اللهِ ☺ : مَنْ حَلَفَ عَلَى يَمِينٍ يَسْتَحِقُّ بِهَا مَالًا وَهْوَ فِيهَا فَاجِرٌ؛ لَقِيَ اللهَ وَهْوَ عَلَيْهِ غَضْبَانُ، فَأَنْزَلَ اللهُ تَصْدِيقَ ذَلِكَ: {إِنَّ الَّذِينَ يَشْتَرُونَ بِعَهْدِ اللّهِ وَأَيْمَانِهِمْ ثَمَنًا قَلِيلًا} فقَرَأَ إلَى: {عَذَابٌ أَلِيمٌ}[آل عِمْرَان:77].
          ثُمَّ إِنَّ الأَشْعَثَ بْنَ قَيْسٍ خَرَجَ إِلَيْنَا فَقَالَ: مَا يُحَدِّثُكُمْ أَبُو عَبْدِ الرَّحْمَن؟ قَالَ: فَحَدَّثْنَاهُ، قَالَ: فَقَالَ: صَدَقَ، لَفِيَّ وَاللهِ أُنْزِلَتْ، كَانَتْ بَيْنِي وَبَيْنَ رَجُلٍ خُصُومَةٌ فِي بِئْرٍ، فَاخْتَصَمْنَا إِلَى رَسُولِ اللهِ صلعم ، فَقَالَ رَسُولُ اللهِ صلعم : «شَاهِدَاكَ أَوْ يَمِينُهُ» قُلْت: إنَّهُ إِذًا يَحْلِفَ وَلَا يُبَالِي، فَقَالَ رَسُولُ اللهِ صلعم : «مَنْ حَلَفَ عَلَى يَمِينٍ يَسْتَحِقُّ بِهَا مَالًا وهُوَ فِيهَا فَاجِرٌ؛ لَقِيَ اللهَ وَهْوَ عَلَيْهِ غَضْبَانُ»، فَأَنْزَلَ اللهُ تَصْدِيقَ ذَلِكَ، ثُمَّ اقْتَرَأَ هَذِهِ الآيَةَ: {إِنَّ الَّذِينَ يَشْتَرُونَ بِعَهْدِ اللهِ وَأَيْمَانِهِمْ ثَمَنًا قَلِيلًا} إلى {وَلَهُم عَذَابٌ أَلِيمٌ}.
          (ش) مطابقته للترجمة في قوله: (شَاهِدَاكَ أَوْ يَمِينُهُ).
          والحديث مضى في (كتاب الشِّرب) في (باب الخصومة في البئر) فَإِنَّهُ أخرجه هناك عَن عَبَدَان عَن أبي حمزة عَنِ الأَعْمَش عَن شقيقٍ عن عبد الله... إلى آخره، وأخرجه هنا عن قُتيبة عَن جرير بن عبد الحميد عن منصور بن المعتمر عَن أبي وائل، هو شقيق بن سلمة.
          قوله: (قَالَ: قَالَ عَبْدُ اللهِ) هو عبد الله بن مسعود.
          قوله: (وَهْوَ فِيهَا فَاجِرٌ) أي: كاذبٌ، وهو مِن باب الكناية؛ إذ الفجور لازم الكذب، والواو في (وهو) للحال.
          قوله: (غَضْبَانُ) وإطلاق الغضب على الله مِن باب المجاز؛ إذ المراد لازمه، وهو إرادة إيصال العذاب.
          قوله: (ثُمَّ إِنَّ الأَشْعَثَ) بفتح الهمزة وسكون الشين المُعْجَمة وفتح العين المُهْمَلة وبالثاء المُثَلَّثة.
          قوله: (أَبُو عَبْدِ الرَّحْمَن) هو كنية عبد الله بن مسعودٍ.
          قوله: (فَحَدَّثْنَاهُ) بفتح الدال.
          قوله: (لَفِيَّ) بفتح اللام وكسر الفاء وتشديد الياء.
          قوله: (أُنْزِلَتْ) ويروى: <نزلت>.
          قوله: (شَاهِدُكَ) ويروى: (شَاهِدَاكَ).
          قوله: (إِذًا يَحْلِفَ) بنصب الفاء، وقد مرَّ البحث فيه هناك مستقصًى.