عمدة القاري في شرح صحيح البخاري

باب ما جاء في قوله تعالى {واتقوا فتنةً لا تصيبن الذين ظلموا}
  
              

          ░1▒ (ص) بَابُ مَا جَاءَ فِي قَوْلِهِ تَعَالَى: {وَاتَّقُوا فِتْنَةً لَا تُصِيبَنَّ الَّذِينَ ظَلَمُوا مِنْكُمْ خَاصَّةً}[الأنفال:25].
          (ش) أي: هذا بابٌ في ذكر ما جاء... إلى آخره، ذكر أحمد في «تفسيره» _وهو ما عزاه إليه ابن الجوزيِّ في «حدائقه»_: حَدَّثَنَا أسود: حَدَّثَنَا جريرٌ: سمعت الحسن قال: قال الزُّبَير بن العوَّام ☺ : نزلت هذه الآية ونحن متوافرون مع رسول الله صلعم فجعلنا نقول: ما هذه الفتنة؟ وما نشعر أنَّها تقع حيث وقعت، وعنه أنَّهُ قال يوم الجمل لمَّا لقي ما لقي: ما توهَّمت أنَّ هذه الآية نزلت فينا أصحاب مُحَمَّدٍ اليوم، وقال الضَّحَّاك: هي في أصحاب مُحَمَّدٍ صلعم خاصَّةً، وقال ابن عَبَّاسٍ ☻: أمر الله المؤمنين ألَّا يُقرُّوا مُنْكَرًا بين ظهورهم، وأنذرهم بالعذاب، وقيل: إنَّها تعمُّ الظالم وغيره، وقال المبرِّد: إنَّها نهيٌ بعد نهيٍ لأمر الفتنة، فالمعنى في النهي للظالمين: ألَّا يقربوا الظلم، وروى الطَّبَريُّ مِن طريق الحسن البَصْرِيِّ قال: قال الزُّبَير: لقد خُوِّفنا بهذه الآية ونحن مع رسول الله صلعم وما ظننَّا أنَّا خُصِّصنا بها، وأخرجه النَّسائيُّ مِن هذا الوجه، وأخرج الطَّبَريُّ مِن طريق السُّدِّيِّ قال: نَزَلَتْ في أهل بدرٍ خاصَّةً فأصابتهم يوم الجمل.
          (ص) وَمَا كَانَ النَّبِيُّ صلعم يُحَذِّرُ مِنَ الْفِتَنِ.
          (ش) عطفٌ على ما قبله؛ أي: وفي بيان ما كان النَّبِيِّ صلعم يحذِّر أصحابه مِنَ الفتن، و(يحذِّر) مِنَ التحذير، وأشار بهذا إلى ما تضمَّنه أحاديث الباب مِنَ الوعيد على التبديل والإحداث.