الفيض الجاري بشرح صحيح الإمام البخاري

باب من قرأ السجدة في الصلاة فسجد بها

          ░11▒ (بَابُ مَنْ قَرَأَ السَّجْدَةَ): أي: آيتها (فِي الصَّلَاةِ): أي صلاةٍ كانت، فرضاً أو نفلاً (فَسَجَدَ): ماضٍ معطوفٌ على ((قرأ)) عطف مسبِّبٍ على سببٍ، ولعل في الفاء إشعاراً بأنها تفوت بطول الفصل عرفاً بينها وبين سببها وهو كذلك عند الشافعية (بِهَا): أي: بسبب قراءة آية تلك السَّجدة، فضمير: ((بها)): للسَّجدة، كما قاله العينيُّ وتبعه القسطلانيُّ، ويحتمل أن يعود إلى ((الصَّلاة))، والباء بمعنى في، وإليه يشير قول شيخ الإسلام: ((بها)): أي فيها، وسقط: <بها> للأصيليِّ.
          وقال في ((فتح الباري)): أشار بهذه التَّرجمة إلى الرَّدِّ على مَن كره قراءة السَّجدة في الصَّلاة المفروضة، وهو منقولٌ عن مالكٍ، وعنه: كراهته في السِّريَّة دون الجهريَّة، وهو قول بعض الحنفيَّة أيضاً وغيرهم. انتهى، وتقييده الصَّلاة بالمفروضة؛ لأنَّ خلاف مالكٍ فيها دون النَّافلة، فلا يرد عليه قول العينيِّ: إطلاق البخاريِّ يتناول الفريضة والنَّافلة. انتهى.
          وعبارة ((الرِّسالة)) مع ((شرحها)): ويسجدها مَن قرأها وهو في صلاة الفريضة والنَّافلة، إماماً كان أو واحداً وإن كُره له تعمُّدها في الفريضة على المشهور، ثمَّ قال: وروى ابن وهبٍ: لا تُكره قراءتها في الفريضة ابتداءً، وصوَّبه اللَّخميُّ وابن يونس وابن بشيرٍ وغيرهم. انتهت.
          وقال ابن بطَّالٍ آخر الحديث: وفيه حجَّةٌ للشَّافعيِّ أنَّه سجد في الصَّلاة المكتوبة، وكره مالكٌ قراءة السَّجدة في الفريضة سرِّيَّة وجهريَّة، وعن أبي حنيفة: لا يقرؤها في السِّريَّة، ويقرؤها في الجهريَّة. انتهى.