إرشاد الساري لشرح صحيح البخاري

حديث: مثل المؤمن كمثل الخامة من الزرع من حيث أتتها

          5644- وبه قال: (حَدَّثَنَا إِبْرَاهِيمُ بْنُ المُنْذِرِ) أبو إسحاق الحِزَاميُّ (قَالَ: حَدَّثَنِي) بالتَّوحيد (مُحَمَّدُ ابْنُ فُلَيْحٍ، قَالَ: حَدَّثَنِي) بالإفراد (أَبِي) فُلَيحُ بن سليمان (عَنْ هِلَالِ بْنِ عَلِيٍّ مِنْ بَنِي عَامِرِ بْنِ لُؤَيٍّ) بالولاء(1)، وليس من أنفسِهم، مدنيٌّ، تابعيٌّ صغيرٌ، موثَّقٌ (عَنْ عَطَاءِ بْنِ يَسَارٍ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ ☺ ) أنَّه (قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ صلعم : مَثَلُ المُؤْمِنِ) في الرِّضا بالقضاءِ وشُكره على السَّرَّاء والضَّرَّاء (كَمَثَلِ الخَامَةِ مِنَ الزَّرْعِ) صفة لخامة، وهي أوَّل ما ينبت(2) على ساقٍ واحد (مِنْ حَيْثُ أَتَتْهَا الرِّيحُ كَفَأَتْهَا) بفتح الكاف والفاء والهمزة وسكون الفوقية، أمالتها (فَإِذَا اعْتَدَلَتْ تَكَفَّأُ) بفتح الفوقية والكاف والفاء المشددة بعدها همزة، أي: تقلب (بِالبَلَاءِ).
          قال الكِرمانيُّ: فإن قلتَ: البلاءُ إنَّما يستعملُ بالمؤمن، فالمناسب أنْ يقال: بالرِّيح، أي: إذا اعتدلتْ تكفَّأ بالرِّيح، كما يتكفَّأ المؤمن بالبلاء. وأَجاب: بأنَّ الرِّيح أيضًا بلاء بالنِّسبة إلى الخامةِ أو أنَّه لما شبَّه المؤمن بالخامةِ أثبت للمشبَّه به ما هو من خواصِّ المشبَّه. انتهى.
          وقال في «الفتح»: ويحتملُ أن يكون جوابُ إذا محذوفًا، أي: فإذا اعتدلتِ الرِّيح استقامتْ الخامة، ويكون قوله بعد ذلك: «تكفَّأ بالبلاء» رجوعًا إلى وصفِ المسلم. قال: ويؤيِّده ما في «كتاب التَّوحيد» [خ¦7466] عن محمد بن سنان بلفظ: «فإذا سكنتْ اعتدلتْ، وكذا المؤمنُ يُكَفَّأ بالبلاءِ».
          (وَالفَاجِرُ كَالأَرْزَةِ) بفتح الهمزة وسكون الراء(3) وفتحها (صَمَّاءَ) أي: صلبة شديدة من غير تجويفٍ (مُعْتَدِلَةً حَتَّى يَقْصِمَهَا اللهُ) تعالى بالقاف، أي: يكسرها (إِذَا شَاءَ) فيكون موتُه أشدَّ عذابًا عليه وأكثر ألمًا في خروجِ نفسه من المؤمنِ المبتلَى بالبلاءِ المثاب عليه.


[1] في (م) و(د): «بالواو».
[2] في (ب) و(س): «تنبت».
[3] في (م): «الهمزة وسكونها».