إرشاد الساري لشرح صحيح البخاري

حديث: من لكعب بن الأشرف فإنه آذى الله ورسوله

          2510- وبه قال: (حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ عَبْدِ اللهِ) بن المدينيِّ قال: (حَدَّثَنَا سُفْيَانُ) بن عيينة (قَالَ عَمْرٌو) بفتح العين، ابن دينارٍ: (سَمِعْتُ جَابِرَ بْنَ عَبْدِ اللهِ) الأنصاريَّ ( ☻ يَقُولُ: قَالَ رَسُولُ اللهِ / صلعم : مَنْ لِكَعْبِ بْنِ الأَشْرَفِ؟) اليهوديِّ، أي: من يتصدَّى لقتله (فَإِنَّهُ آذَى اللهَ) ولأبي ذرٍّ: ”فإنَّه قد آذى الله“ (وَرَسُولَهُ صلعم ) وكان كعبٌ قد خرج من المدينة إلى مكَّة لمَّا جرى ببدرٍ ما جرى، فجعل ينوح ويبكي على قتلى بدرٍ، ويحرِّض النَّاس على رسول الله صلعم وينشد الأشعار (فَقَالَ مُحَمَّدُ بْنُ مَسْلَمَةَ) بفتح الميمين واللَّام، ابن خالدٍ: (أَنَا) لقتله يا رسول الله، زاد في «المغازي» [خ¦4037]: فَأْذن لي أن أقول شيئًا؟ قال: «قل» (فَأَتَاهُ) محمَّد بن مَسْلَمَة (فَقَالَ: أَرَدْنَا أَنْ تُسْلِفَنَا) وزاد في «المغازي»: فقال: إنَّ هذا الرَّجل قد سألنا صدقةً، وإنَّه قد عَنَّانا، وإنِّي قد أتيتك أستسلفك (وَِسْقًا) بفتح الواو وكسرها؛ وهو ستُّون صاعًا (أَوْ وَسْقَيْنِ) شكٌّ من الرَّاوي (فَقَالَ) كعبٌ: (ارْهَنُونِي) وللحَمُّويي والمُستملي: ”أترهنوني؟“ (نِسَاءَكُمْ، قَالُوا) يعني: محمَّد بن مسلمة ومن معه: (كَيْفَ نَرْهَنُكَ نِسَاءَنَا وَأَنْتَ أَجْمَلُ العَرَبِ؟ قَالَ: فَارْهَنُونِي أَبْنَاءَكُمْ، قَالُوا: كَيْفَ نَرْهَنُ) ولأبي ذرٍّ في نسخةٍ(1):”كيف نرهنك“ (أَبْنَاءَنَا؟ فَيُسَبُّ أَحَدُهُمْ) بضمِّ المُثنَّاة التَّحتيَّة وفتح المُهمَلة، و«أحدُهم» رفعُ نائبٍ عن الفاعل (فَيُقَالُ: رُهِنَ بِوَسْقٍ أَوْ وَسْقَيْنِ) بضمِّ الرَّاء وكسر الهاء مبنيًّا للمفعول (هَذَا عَارٌ عَلَيْنَا، وَلَكِنَّا نَرْهَنُكَ اللَّأْمَةَ) بالهمزة وقد تُترَك تخفيفًا (قَالَ سُفْيَانُ) بن عيينة في تفسير «اللَّأمة»: (_يَعْنِي: السِّلَاحَ_ فَوَعَدَهُ) محمَّد بن مسلمة‼ (أَنْ يَأْتِيَهُ) زاد في «المغازي» [خ¦4037]: فجاءه ليلًا ومعه أبو نائلة، وهو أخو كعبٍ من الرَّضاعة، فدعاهم إلى الحِصْن، فنزل إليهم، فقالت امرأته: أين تخرج هذه السَّاعة؟ فقال: إنَّما هو محمَّد بن مَسْلَمَة، وأخي أبو نائلة، وقال غير عمرٍو: قالت(2): أسمع صوتًا كأنَّه يقطر منه الدَّم، قال: إنَّما هو أخي محمَّد بن مَسْلَمَةَ، ورضيعِي أبو نائلة، إنَّ الكريم لو(3) دُعِي إلى طعنةٍ بليلٍ(4) لأجاب، قال: ويدخلُ محمَّدُ بنُ مَسْلَمَةَ معه برجلين _قيل لسفيان: سمَّاهم عمرٌو؟ قال: سمَّى بعضهم_ قال عمرٌو: جاء معه برجلين، وقال غير عمرٍو: أبو عبسِ بنُ جَبْرٍ، والحارث بن أوسٍ، وعَبَّاد بن بِشْرٍ(5)، فقال: إذا ما جاء فإنِّي قائلٌ(6) بشعره فأَشَمُّه، فإذا رأيتموني استمكنتُ من رأسه فدونكم فاضربوه، وقال مرَّةً: ثمَّ أُشِمُّكُم(7)، فنزل إليهم متوشِّحًا وهو ينفحُ منه ريحُ الطِّيب(8)، فقال: ما رأيتُ كاليوم ريحًا، أي: أطيبَ، وقال غير عمرٍو: قال(9): عندي أعطرُ نساءِ العربِ وأكملُ العربِ، قال عمرٌو: فقال: أتأذن لي أن أَشُمَّ رأسك؟ قال: نعم، فشمَّه، ثمَّ أشم أصحابه ثم قال: أتأذن لي؟ قال: نعم، فلمَّا استمكن منه؛ قال: دونكم (فَقَتَلُوهُ، ثُمَّ أَتَوُا النَّبِيَّ صلعم فَأَخْبَرُوهُ) ففرح ودعا لهم، قال ابن بطَّالٍ: وليس في قولهم: «نرهنك اللَّأمة» دليلٌ(10) على(11) جواز رهن السِّلاح عند الحربيِّ، وإنَّما كان ذلك من معاريض الكلام المُبَاحة في الحرب وغيره، وقال العينيُّ: المطابقة بين الحديث والتَّرجمة في قوله: «ولكنَّا نرهنك اللَّأمة»، أي: السِّلاح بحسب ظاهر الكلام وإن لم يكن في نفس الأمر حقيقة الرَّهن، وهذا المقدار كافٍ في وجه المطابقة. انتهى.
          وهذا الحديث أخرجه المؤلِّف أيضًا في «المغازي» [خ¦4037] و«الجهاد» [خ¦3031]، ومسلمٌ في «المغازي»، وأبو داود في «الجهاد»، والنَّسائيُّ في «السِّير».


[1] «في نسخةٍ»: ليس في (د).
[2] في (د): «عمير وقالت»، وهو تحريفٌ.
[3] في (د): «إذا».
[4] في (د1) و(ص): «بليلةٍ»، وفي (م): «بليله»، وفي غير (د): «باللَّيل»، والمثبت موافقٌ لما في «الصَّحيح».
[5] تكرَّر في (ل): «قال عمرو: جاء معه برجلين».
[6] في (د): «مائلٌ»، وفي سائر النُّسخ: «نائلٌ»، ولعلَّها محرَّفةٌ عن المثبت.
[7] في (د1) و(م): «أشتمكم»، وهو تحريفٌ.
[8] في (د): «المسك»، والمثبت موافقٌ لما في «الصَّحيح».
[9] «قال»: ليس في (ص).
[10] «دليلٌ»: مثبتٌ من (ب) و(س)، وفي (ج): «دلالة».
[11] «على»: ليس في (د) و(م).