إرشاد الساري لشرح صحيح البخاري

حديث: ما أصبح لآل محمد إلا صاع

          2508- وبه قال: (حَدَّثَنَا مُسْلِمُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ) الفراهيديُّ، قال / : (حَدَّثَنَا هِشَامٌ) الدَّستوائيُّ قال: (حَدَّثَنَا قَتَادَةُ) بن دعامة (عَنْ أَنَسٍ ☺ ) أنَّه(1) (قَالَ: وَلَقَدْ رَهَنَ رَسُولُ اللهِ) هو عطفٌ على شيءٍ محذوفٍ بيَّنه أحمد من طريق أبان العطَّار‼ عن قتادة عن أنسٍ: «أنَّ يهوديًّا دعا رسول الله صلعم فأجابه». ولقد رهن رسول الله، ولأبي ذرٍّ: ”النَّبيُّ“ ( صلعم دِرْعَهُ) بكسر الدَّال وسكون الرَّاء (بِشَعِيرٍ) أي: في مقابلة شعيرٍ، فالباء للمقابلة عند أبي الشَّحم اليهوديِّ، وكان قدر الشَّعير ثلاثين صاعًا كما عند المؤلِّف في «الجهاد» [خ¦2916] وغيره(2) [خ¦4467].
          قال أنسٌ: (وَمَشَيْتُ إِلَى النَّبِيِّ صلعم بِخُبْزِ شَعِيرٍ) بالإضافة (وَإِهَالَةٍ سَنِخَةٍ) بكسر الهمزة وتخفيف الهاء: ما أُذِيب من الشَّحم والألية، و«سَنِخَة»؛ بفتح السِّين المُهمَلة وكسر النُّون وفتح الخاء المعجمة، صفةٌ لـ «إهالةٍ» أي: متغيِّرة الرِّيح، وقال أنسٌ أيضًا: (وَلَقَدْ سَمِعْتُهُ) ╕ (يَقُولُ: مَا أَصْبَحَ لآلِ مُحَمَّدٍ صلعم إِلَّا صَاعٌ، وَلَا أَمْسَى) أي: ليس(3) لهم إلَّا صاعٌ، وعند التِّرمذيِّ والنَّسائيِّ من طريق ابن أبي عديٍّ ومعاذ بن هشامٍ عن هشامٍ(4) بلفظ(5): «ما أمسى لآل محمَّدٍ(6) صاع تمرٍ ولا صاع حبٍّ»، وسبق في أوائل «البيوع» من وجهٍ آخر بلفظ [خ¦2069]: «بُرٍّ» بدل «تمرٍ»، والمرادُ بالآل: أهلُ بيته ╕ ، وقد بيَّنه بقوله: (وَإِنَّهُمْ) أي: آله (لَتِسْعَةُ أَبْيَاتٍ) أي: تسع نسوةٍ، وأراد بقوله ذلك بيانًا للواقع لا تضجُّرًا وشكايةً _حاشاه الله من ذلك_ بل قاله معتذرًا عن إجابته لدعوة اليهوديِّ ولرهنه درعه عنده، وفيه: ما كان ╕ من التَّواضع والزُّهد في الدُّنيا والتَّقلُّل منها مع قدرته عليها، والكرم الذي أفضى به إلى عدم الادِّخار حتَّى احتاج إلى رهن درعه، والصَّبر على ضيق العيش والقناعة باليسير.
          وهذا الحديث قد سبق في أوائل «البيع» [خ¦2069].


[1] «أنَّه»: ليس في (د).
[2] «وغيره»: ليس في (د1) و(ص).
[3] «ليس»: ليس في (د).
[4] «عن هشامٍ»: ليس في (د1) و(م).
[5] «بلفظ»: ليس في (د).
[6] زيد في (د): «لا».