إرشاد الساري لشرح صحيح البخاري

حديث: نهى النبي عن بيع النخل حتى يؤكل منه

          2246- وبه قال: (حَدَّثَنَا آدَمُ) بن أبي إياسٍ قال: (حَدَّثَنَا شُعْبَةُ) بن الحجَّاج قال: (أَخْبَرَنَا عَمْرٌو) بفتح العين، ابن مُرَّة _بضمِّ الميم_ ابن عبد الله، المراديُّ الأعمى الكوفيُّ (قَالَ: سَمِعْتُ أَبَا البَخْتَرِيِّ) بفتح المُوحَّدة وسكون(1) الخاء المعجمة وفتح المُثنَّاة الفوقيَّة وبالرَّاء وتشديد التَّحتيَّة، سعيد بن فيروز الكوفيَّ (الطَّائِيَّ قَالَ: سَأَلْتُ ابْنَ عَبَّاسٍ ☻ عَنِ السَّلَمِ فِي) ثمر (النَّخْلِ قَالَ) ولأبي ذرٍّ: ”فقال“ (2): (نَهَى النَّبِيُّ صلعم عَنْ بَيْعِ) ثمر (النَّخْلِ حَتَّى يُؤْكَلَ مِنْهُ) بأن يظهر صلاحه (وَحَتَّى يُوزَنَ، فَقَالَ الرَّجُلُ) أي: أبو البَختريُّ، قاله الكِرمانيُّ، وقال الحافظ ابن حجرٍ: لم أقف على اسمه (وَأَيُّ شَيْءٍ يُوزَنُ؟) إذ(3) لا يمكن وزن الثَّمر(4) على النخل (قَالَ رَجُلٌ) لم يُسَمَّ (إِلَى جَانِبِهِ) أي: جانب ابن عبَّاسٍ: المراد: (حَتَّى يُحْرَزَ) بتقديم الرَّاء على الزَّاي، أي: يُحفَظ، ولأبي ذرٍّ عن الكُشْمِيْهَنِيِّ: ”حتَّى يُحْزَر“ بتقديم الزَّاي على الرَّاء، أي: يُخْرَص، وكلُّها _أي: الأكل(5) والوزن والخرص_ كناياتٌ عن ظهور صلاحها، ومفهومه: جواز السَّلم إذا بدا صلاح الثَّمرة، وليس كذلك؛ لأنَّ العقد لم يقع على موصوفٍ في الذِّمَّة، بل على ثمرة تلك النَّخلة خاصَّةً، فليس مسترسلًا في الذِّمَّة مطلقًا، فذكرُ الغاية بيانٌ للواقع؛ لأنَّهم كانوا يسلفون قبل صيرورته ممَّا يُؤكَل، والقيود التي خرجت مخرج الأغلب لا مفهوم لها، قاله الكِرمانيُّ، وقول ابن بطَّالٍ فيما نقله الزَّركشيُّ والعينيُّ والكِرمانيُّ: هذا الحديث ليس من هذا الباب، وإنَّما هو من الباب الذي بعده، وغلط فيه النَّاسخ، تعقَّبه ابن المُنيِّر بأنَّ التَّحقيق أنَّه من هذا الباب، قال: وقلَّ من يفهم ذلك‼، ووجه مطابقته أنَّ ابن عبَّاسٍ لمَّا سُئِل عن السَّلم إلى من له نخلٌ في ذلك النَّخل، عدَّ ذلك من قبيل بيع الثِّمار قبل بدوِّ صلاحها، وإذا كان السَّلم في النَّخل المُعيَّن لا يجوز لم يبق لوجودها في ملك المُسلَم إليه فائدةٌ متعلِّقةٌ بالسَّلم، فتعيَّن جواز السَّلم إلى من ليس عنده أصلٌ، وإلَّا(6) يلزم منه سدُّ باب السَّلم، بل لعلَّه أجوز؛ لأنَّه يُؤمَن فيه غائلة اعتمادها(7) على هذا النَّخل بعينه، فيلحق(8) ببيع الثِّمار قبل بدوِّ صلاحها.
          وهذا الحديث أخرجه المؤلِّف أيضًا [خ¦2249] [خ¦2250]، ومسلمٌ في «البيوع».
          (وَقَالَ مُعَاذٌ) هو ابن معاذٍ التَّميميُّ قاضي البصرة: (حَدَّثَنَا شُعْبَةُ) بن الحجَّاج (عَنْ عَمْرٍو) هو ابن مُرَّة السَّابق (قَالَ أَبُو البَخْتَرِيِّ) سعيد بن فيروز: (سَمِعْتُ ابْنَ عَبَّاسٍ ☻ ) يقول: (نَهَى النَّبِيُّ صلعم ، مِثْلَهُ) أي: مثل الحديث السَّابق، وهذا وصله الإسماعيليُّ عن يحيى بن محمَّدٍ عن عبيد الله(9) بن معاذٍ عن أبيه به.


[1] في (ج) و(ل): «وسكون الفوقيَّة».
[2] «ولأبي ذرٍّ: فقال»: ليس في (م).
[3] في (د): «أي».
[4] في (د): «الثَّمرة».
[5] في (د): «الكيل»، وهو تحريفٌ.
[6] في (ص): «لا»، وهو تحريفٌ.
[7] في (ب) و(د1): «اعتمادهما».
[8] في (د): «فيلتحق».
[9] في (د): «عبد الله»، والمثبت موافقٌ لما في «الفتح» (4/504).