إرشاد الساري لشرح صحيح البخاري

حديث أبي هريرة: أصدق ذو اليدين؟

          7250- وبه قال: (حَدَّثَنَا إِسْمَاعِيلُ) بن أبي أويسٍ قال: (حَدَّثَنِي) بالإفراد (مَالِكٌ) الإمام الأعظم ابن أنسٍ الأصبحيُّ (عَنْ أَيُّوبَ) السَّخْتِيَانيِّ (عَنْ مُحَمَّدٍ) أي: ابن سيرين (عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ) ☺ : (أَنَّ رَسُولَ اللهِ صلعم انْصَرَفَ مِنِ اثْنَتَيْنِ) ركعتين أي: من إحدى صلاتيَ العشيِّ(1) كما في الرِّواية الأخرى [خ¦482] (فَقَالَ لَهُ ذُو اليَدَيْنِ) الخِرْباق، وكان في يده طولٌ: (أَقَصُرَتِ الصَّلَاةُ) بهمزة الاستفهام الاستخباريِّ وفتح القاف وضم الصَّاد المهملة (يَا رَسُولَ اللهِ أَمْ نَسِيتَ؟ فَقَالَ) صلعم للنَّاس: (أَصَدَقَ ذُو اليَدَيْنِ) فيما قاله؟ والهمزة للاستفهام (فَقَالَ الناس: نَعَمْ) صدق (فَقَامَ رَسُولُ اللهِ صلعم ) أي: أحرم، ثمَّ جلس، ثمَّ قام (فَصَلَّى رَكْعَتَيْنِ أُخْرَيَيْنِ) بتحتيَّتين بعد الرَّاء فنونٍ (ثُمَّ سَلَّمَ، ثُمَّ كَبَّرَ، ثُمَّ سَجَدَ) وكان سجوده (مِثْلَ سُجُودِهِ) الذي للصَّلاة (أَوْ أَطْوَلَ) منه، شكٌّ من الرَّاوي (ثُمَّ رَفَعَ، ثُمَّ كَبَّرَ، فَسَجَدَ) سجودًا (مِثْلَ سُجُودِهِ) للصَّلاة، فهو نعتٌ لمصدرٍ محذوفٍ، أو هو حالٌ من المصدر بعد إضماره (ثُمَّ رَفَعَ) من سجوده، ثم سلَّم من غير أن يتشهَّد.
          ومطابقته ظاهرةٌ لأنَّه عمل بخبر ذي اليدين وهو واحدٌ، وإنَّما قال: «أصدق ذو اليدين؟» لاستثبات خبره؛ لكونه انفرد دون من صلَّى معه؛ لاحتمال خطئه في ذلك، ولا يلزم منه ردُّ خبره مطلقًا، وهذا على قول من يرى رجوع الإمام في السَّهو إلى إخبار(2) من يفيد خبره العلم عنده، وهو رأي البخاريِّ، ولذلك أورد الخبرين(3) هنا، بخلاف من يحمل الأمر على أنَّه تذكُّرٌ، فلا يتَّجه إيراده في هذا المحلِّ، قاله في «الفتح» وسبق في «السَّهو» في «باب من لم يتشهَّد في سجدتَي السَّهو» [خ¦1228].


[1] في (ع): «العشاء». والمثبت موافق لصحيح البخاري.
[2] في (ص): «خبر».
[3] في (ع): «خبرين».