إرشاد الساري لشرح صحيح البخاري

حديث: ما خلف صاحبك فقل له: يقول لك: لو كنت في شدق الأسد

          7110- وبه قال: (حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ عَبْدِ اللهِ) المدينيُّ قال: (حَدَّثَنَا سُفْيَانُ) بن عُيينة (قَالَ: قَالَ عَمْرٌو) بفتح العين، ابن دينارٍ: (أَخْبَرَنِي) بالإفراد (مُحَمَّدُ بْنُ عَلِيٍّ) أي: ابن الحسين بن عليٍّ أبو(1) جعفرٍ الباقرُ: (أَنَّ حَرْمَلَةَ) بفتح الحاء المهملة وسكون الرَّاء (مَوْلَى أُسَامَةَ) بن زيدٍ، وهو مولى زيد بن ثابتٍ، ومنهم من فرَّق بينهما (أَخْبَرَهُ _قَالَ عَمْرٌو) هو ابن دينارٍ: (وَقَدْ رَأَيْتُ حَرْمَلَةَ_) المذكور، أي: وكان يُمكنني الأخذ عنه، لكن(2) لم أسمع منه هذا (قَالَ) أي: حَرْملة: (أَرْسَلَنِي أُسَامَةُ) بن زيدٍ من المدينة (إِلَى عَلِيٍّ) ☺ بالكوفة؛ يسأله شيئًا من المال (وَقَالَ) أسامة: (إِنَّهُ) أي: عليًّا ☺ (سَيَسْأَلُكَ(3) الآنَ، فَيَقُولُ: مَا خَلَّفَ صَاحِبَكَ) أسامة عن مساعدتي في وقعة الجمل وصفِّين؟ وعُلِمَ أنَّ عليًّا كان يُنكر على من تخلَّف عنه، لا سيَّما أسامة الذي هو من أهل البيت (فَقُلْ لَهُ) أي: لعليٍّ، وفي الفرع مصلَّحًا على كشطٍ مصحَّحًا عليه: ”فقلت له“، والذي في «اليونينيَّة» مصلّحٌ على كشطٍ: ”فقل له“: (يَقُولُ لَكَ) أسامة: (لَوْ كُنْتَ) بتاء الخطاب (فِي شَـِدْقِ الأَسَدِ) بكسر الشِّين المعجمة وقد تُفْتَح، وسكون الدَّال المهملة بعدها قافٌ، أي: جانب فمه من داخلٍ (لأَحْبَبْتُ أَنْ أَكُونَ مَعَكَ فِيهِ) كنايةً عن الموافقة في حالة الموت؛ لأنَّ الذي يفترسه الأسد بحيث يجعله في شِدقه في عداد مَن هَلَكَ، ومع ذلك فقال: لو وصلت إلى هذا المقام؛ لأحببت أن أكون معك فيه؛ مواسيًا لك بنفسي (وَلَكِنَّ هَذَا) أي: قتال المسلمين (أَمْرٌ لَمْ أَرَهُ) لأنَّه لمَّا قَتَلَ مِرداسًا، ولامه النَّبيُّ صلعم على ذلك آلى على نفسه ألَّا يقاتل مسلمًا أبدًا، قال حَرْملة: فذهبت إلى عليٍّ، فبلَّغته ذلك، وعند الإسماعيليِّ من رواية ابن أبي عمر عن سفيان: فجئت بها، أي: بالمقالة فأخبرته (فَلَمْ يُعْطِنِي شَيْئًا) وفي هامش «اليونينيَّة»: صوابه: ”فلم يغني(4) شيئًا“، قال السَّفاقسيُّ: إنَّما لم يعطهِ؛ لأنَّه لعلَّه سأله شيئًا من مال الله؛ فلم يرَ أن يعطيه(5) لتخلُّفه عن القتال معه، قال حَرْملة(6): (فَذَهَبْتُ إِلَى حَسَنٍ وَحُسَيْنٍ وَابْنِ جَعْفَرٍ) هو عبد الله بن جعفر بن أبي طالبٍ (فَأَوْقَرُوا) بفتح الهمزة / وسكون الواو وفتح القاف بعدها راءٌ، أي: حملوا (لِي رَاحِلَتِي) ما أطاقت حمله(7)؛ لأنَّهم لمَّا علموا أنَّ عليًّا لم يعطِه شيئًا، وأنَّهم كانوا يَرونه واحدًا منهم؛ لأنَّه صلعم كان يُجلسه على فخذه، ويجلس الحسن على الفخذ الأخرى ويقول: «اللَّهمَّ؛ إنِّي أحبُّهما»، عوَّضوه من أموالهم(8) من ثيابٍ ونحوها قدر ما تحمله‼ راحلته التي هو راكبها.
          والحديث من أفراده.


[1] في (د): «بن»، وهو تحريفٌ.
[2] في (د) و(ص): «لكنَّي».
[3] في (ع): «يسألك».
[4] في (ب) و(س): «يعني»، وهو تصحيف، وفي (ع): «يُغنِ».
[5] «فلم ير أن يعطيه»: مثبتٌ من (د)، وفي (ع) بدلًا منها: «لا».
[6] «حرملة»: ليس في (ع).
[7] في (ع): «حملها».
[8] في (ع): «من أموالهما».