إرشاد الساري لشرح صحيح البخاري

حديث: خرج النبي إلى حائط من حوائط المدينة لحاجته

          7097- وبه قال: (حَدَّثَنَا سَعِيدُ ابْنُ أَبِي مَرْيَمَ) هو سعيد بن الحكم بن محمَّد بن سالم بن أبي مريم، الجمحيُّ بالولاء قال: (أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ جَعْفَرٍ) واسم جدِّه: ابن أبي كثيرٍ المدنيُّ (عَنْ شَرِيكِ بْنِ عَبْدِ اللهِ) بن أبي نمرٍ(1) المدنيِّ (عَنْ سَعِيدِ بْنِ المُسَيَّبِ) بن حزنٍ الإمام، أبي محمَّدٍ المخزوميِّ (عَنْ أَبِي مُوسَى الأَشْعَرِيِّ) ☺ أنَّه (قَالَ: خَرَجَ النَّبِيُّ صلعم إِلَى) ولأبي ذرٍّ: ”يومًا إلى“ (حَائِطٍ مِنْ حَوَائِطِ المَدِينَةِ لِحَاجَتِهِ) هو بستان أَرِيْسٍَ♣؛ بهمزة مفتوحة، فراءٍ مكسورةٍ فتحتيَّةٍ ساكنةٍ فسينٍ مهملةٍ، يجوز فيه الصَّرف وعدمه، وهو قريبٌ من قباء، وفي بئره سقط خاتم النَّبيِّ صلعم من إصبع عثمان ☺ (وَخَرَجْتُ فِي إِثْرِهِ، فَلَمَّا دَخَلَ الحَائِطَ) أي: البستان المذكور (جَلَسْتُ عَلَى بَابِهِ؛ وَقُلْتُ: لأَكُونَنَّ اليَوْمَ بَوَّابَ النَّبِيِّ صلعم ، وَلَمْ يَأْمُرْنِي) بأن أكون بوَّابًا، لكن سبق في «مناقب عثمان» [خ¦3695] أنَّه صلعم أمره بذلك، فيُحْتَمَلُ أنَّه لمَّا(2) حدَّث نفسه بذلك؛ صادف أمره صلعم بذلك (فَذَهَبَ النَّبِيُّ صلعم وَقَضَى حَاجَتَهُ، وَجَلَسَ عَلَى) ولأبي ذرٍّ عن الحَمُّويي والمُستملي: ”في“ (قُفِّ البِئْرِ) بضمِّ القاف وتشديد الفاء: حافتها / ، أو الدَّكَّة التي حولها (فَكَشَفَ عَنْ سَاقَيْهِ وَدَلَّاهُمَا فِي البِئْرِ، فَجَاءَ أَبُو بَكْرٍ) ☺ حال كونه (يَسْتَأْذِنُ عَلَيْهِ) زاده الله شرفًا لديه (لِيَدْخُلَ فَقُلْتُ) له: اثبُتْ وقفْ (كَمَا أَنْتَ حَتَّى أَسْتَأْذِنَ لَكَ) النَّبيَّ صلعم (فَوَقَفَ، فَجِئْتُ إِلَى النَّبِيِّ صلعم ، فَقُلْتُ: يَا نَبِيَّ(3) اللهِ؛ أَبُو بَكْرٍ يَسْتَأْذِنُ) في الدُّخول (عَلَيْكَ، فَقَالَ: ائْذَنْ لَهُ، وَبَشِّرْهُ بِالجَنَّةِ) زاد في «المناقب» [خ¦3674] فأقبلت(4) حتَّى قلت لأبي بكرٍ: ادخل ورسول الله صلعم يبشِّرك بالجنَّة (فَدَخَلَ فَجَاءَ) ولأبي ذرٍّ عن الكُشْمِيهَنيِّ: ”فجلس“ (عَنْ يَمِينِ النَّبِيِّ صلعم ، فَكَشَفَ عَنْ سَاقَيْهِ وَدَلَّاهُمَا فِي البِئْرِ) موافقةً له ╕ ، وليكون أبلغ في بقائه ◙ على حالته وراحته، بخلاف ما إذا لم يفعل ذلك، فربَّما استحيا منه، فرفع رجليه (فَجَاءَ عُمَرُ) ☺ ، أي: يستأذن أيضًا (فَقُلْتُ: كَمَا أَنْتَ حَتَّى أَسْتَأْذِنَ لَكَ) فاستأذنت(5) له (فَقَالَ النَّبِيُّ صلعم : ائْذَنْ لَهُ، وَبَشِّرْهُ بِالجَنَّةِ، فَجَاءَ) عمر ☺ ، وجلس (عَنْ يَسَارِ النَّبِيِّ‼ صلعم فَكَشَفَ عَنْ سَاقَيْهِ فَدَلَّاهُمَا فِي البِئْرِ، فَامْتَلأَ) بالفاء، ولأبي ذرٍّ عن الكُشْمِيهَنيِّ: ”وامتلأ“ (القُفُّ) به صلعم وصاحبيه (فَلَمْ يَكُنْ فِيهِ مَجْلِسٌ، ثُمَّ جَاءَ عُثْمَانُ) ☺ (فَقُلْتُ: كَمَا أَنْتَ حَتَّى أَسْتَأْذِنَ لَكَ) فاستأذنت(6) (فَقَالَ النَّبِيُّ صلعم : ائْذَنْ لَهُ، وَبَشِّرْهُ بِالجَنَّةِ، مَعَهَا بَلَاءٌ يُصِيبُهُ) وهو قتله في الدَّار، قال ابن بطَّالٍ: وإنَّما خُصَّ عثمان بذكر البلاء مع أنَّ عمر أيضًا قُتِلَ؛ لأنَّ عمر لم يُمْتَحَنْ بمثل ما امتُحِنَ به(7) عثمان من(8) تسليط(9) القوم الذين أرادوا منه أن ينخلع من الإمامة؛ بسبب ما نسبوه إليه من الجور مع تنصُّله من ذلك، واعتذاره من كلِّ ما نسبوه إليه، ثمَّ هجمهم(10) عليه داره، وهتكهم ستر أهله، فكان ذلك زيادةً على قتله، وفي رواية أحمد بإسنادٍ صحيحٍ من طريق كُلَيب بن وائلٍ عن ابن عمر قال: ذكر رسول الله صلعم فتنةً، فمرَّ رجلٌ فقال: «يُقْتَلُ فيها هذا يومئذٍ ظلمًا»، قال: فنظرت، فإذا هو عثمان (فَدَخَلَ) ☺ (فَلَمْ يَجِدْ مَعَهُمْ مَجْلِسًا؛ فَتَحَوَّلَ حَتَّى جَاءَ مُقَابِلَهُمْ عَلَى شَفَةِ البِئْرِ) بفتح الشِّين المعجمة والفاء المخفَّفة (فَكَشَفَ عَنْ سَاقَيْهِ ثُمَّ دَلَّاهُمَا فِي البِئْرِ) قال أبو موسى: (فَجَعَلْتُ أَتَمَنَّى أَخًا لِي) هو أبو بردة عامرٌ، أو أبو رهمٍ (وَأَدْعُو اللهَ أَنْ يَأْتِيَ. قَالَ ابْنُ المُسَيَّبِ) سعيدٌ (فَتَأَوَّلْتُ) ولأبي ذرٍّ عن الكُشْمِيهَنيِّ: ”فأوَّلتُ“: فتفرَّست (ذَلِكَ) أي: اجتماع الصَّاحبين معه صلعم وانفراد عثمان (قُبُورَهُمُ اجْتَمَعَتْ هَهُنَا، وَانْفَرَدَ عُثْمَانُ) عنهم في البقيع، والمراد بالاجتماع(11) مطلقه، لا خصوص كون أحدهما عن يمينه والآخر عن شماله كما كانوا على البئر، وفيه أن التَّمثيل لا يستلزم التَّسوية. نعم؛ أخرج أبو نُعيمٍ عن عائشة في صفة القبور الثَّلاثة: أبو بكرٍ عن يمينه، وعمر عن يساره، ففيه التَّصريح بتمام التَّشبيه، لكنَّ سنده ضعيفٌ، وعارضه ما هو أوضح منه، وعند أبي داود والحاكم من طريق القاسم بن محمَّدٍ قال: قلت لعائشة: يا أمَّتاه(12)؛ اكشفي عن قبر رسول الله صلعم وصاحبيه، فكشفته لي... الحديث، وفيه: فرأيت رسول الله صلعم ، فإذا أبو بكرٍ رأسه بين كتفيه، وعمر رأسه عند رجلي النَّبيِّ صلعم .
          وحديث الباب سبق في «فضل أبي بكر» [خ¦3674]، وأخرجه مسلمٌ في «الفضائل».


[1] في (ع): «نمير»، وهو تحريفٌ.
[2] في (ع): «ما»، وليس بصحيحٍ.
[3] في (ع): «رسول».
[4] «فأقبلت»: ليس في (د).
[5] في (د): «فاستأذنته».
[6] في (د): «فاستأذنته».
[7] «به»: مثبتٌ من (ع).
[8] في (ص): «مع».
[9] في غير (ب) و(د) و(س): «تسلُّط».
[10] في (ع): «هجومهم».
[11] في (ص): «من الاجتماع».
[12] في (ع): «أمَّاه».